[٢٧٣] مسألة ٣٢ : كما يحرم الأكل والشرب للشيء النجس كذا يحرم التسبيب لأكل الغير أو شربه (١) وكذا التسبّب لاستعماله (*)
______________________________________________________
(١) التسبيب إلى أكل النجس أو شربه قد يكون مع علم المباشر وإرادته واختياره ، والتسبيب حينئذ مما لا إشكال في جوازه إلاّ من جهة كونه إعانة على الإثم والحرام. وفي حرمة الإعانة على الحرام وعدمها بحث طويل تعرضنا له في محله (٢). وهذه الصورة خارجة عن محط كلام الماتن قدسسره حيث إن ظاهره إرادة التسبيب الذي لا يتخلّل بينه وبين فعل المباشر إرادة واختيار ، كما إذا أضاف أحداً وقدّم له طعاماً متنجساً فأكل الضيف النجس لا بإرادته واختياره لجهله بالحال. وعليه فيقع الكلام في التسبيب إلى أكل النجس أو شربه مع عدم صدور الفعل من المباشر بإرادته وعدم تخلل الاختيار بين التسبيب والفعل الصادر من المباشر ، وهل هو حرام أو لا حرمة فيه؟ ثم إنه إذا لم يسبب لأكل النجس أو شربه إلاّ أنه كان عالماً بنجاسة شيء وحرمته ورأى الغير قد عزم على أكله أو شربه جاهلاً بالحال فهل يجب عليه إعلامه؟
إذا كان الحكم الواقعي مما لا يترتّب عليه أثر بالإضافة إلى المباشر الجاهل وكان وجوده وعدمه على حد سواء ، فلا إشكال في عدم حرمة التسبيب حينئذ ولا في عدم وجوب الاعلام ، وهذا كما إذا قدّم لمن أراد الصلاة ثوباً متنجساً فلبسه وصلّى فيه وهو جاهل بنجاسته ، أو رأى أحداً يصلِّي في الثوب المتنجس جاهلاً بنجاسته فإنه لا يجب عليه إعلام المصلِّي بنجاسة ثوبه ، ولا يحرم عليه أن يقدّم الثوب المتنجس إلى من يريد الصلاة فيه ، حيث لا يترتب على نجاسة ثوب المصلي وطهارته أثر إذا كان جاهلاً بالحال ، وصلاته في الثوب المتنجس حينئذ لا تنقص عن الصلاة في الثوب الطاهر بل هما على حد سواء ، وهو نظير ما إذا رأى في ثوب المصلي دماً أقل من الدرهم حيث
__________________
(*) لا بأس به إذا كان الشرط أعمّ من الطهارة الواقعية والظاهرية ، كما في اشتراط الصلاة بطهارة الثوب والبدن.
(١) مصباح الفقاهة ١ : ٢٣٠.