قاعدة نفي العسر والحرج نظير صاحب السلس والبطن ، فكما أن القاعدة تقتضي عدم اعتبار الطهارة في حقهما من غير حاجة إلى رواية فكذلك الحال في المقام وإن كان يمكن التفرقة بين المسألتين ، نظراً إلى أن مقتضى القاعدة الأولية سقوط الصلاة عن صاحب السلس والبطن لعدم تمكنهما من الطهارة ولا صلاة إلاّ بطهور ، كما التزموا بذلك في فاقد الطهورين ، فلولا الأخبار الواردة في المسألة لالتزمنا بعدم تكليفهما بالصلاة ، وهذا بخلاف ما نحن فيه لأن المكلف واجد فيه للطهارة من الحدث فلا مقتضي لسقوط الصلاة في حقه ، وغاية الأمر أن ثوبه أو بدنه متنجس وحيث إن في تطهيره مشقّة وعسراً فنحكم بسقوط اشتراط الطهارة من الخبث في صلاته من غير حاجة إلى رواية كما مرّ ، بل ولا يختص ذلك بدم القروح والجروح لوضوح أن النجاسات بأجمعها كذلك ويرتفع الأمر بغسلها عند المشقّة والحرج ، فأية خصوصية لدم القروح والجروح وما المقتضي لتخصيصه بالذكر في المسألة؟
ومن هنا لا بدّ من التصرّف في كلماتهم ولو بحمل المشقّة الظاهرة في الفعلية على المشقّة النوعية ، فإنّ القاعدة تختص بالمشقة الشخصية ولا تعم النوعية ، وبهذا يحصل نوع خصوصية للدمين حيث إن المشقة النوعية توجب رفع مانعيتهما في الصلاة. وهل الأمر كذلك وأن المشقّة توجب الحكم بالعفو عنهما؟ يأتي عليها الكلام بعد تحقيق المسألة إن شاء الله. فالمتبع هو الأخبار فلا بد من ملاحظتها لنرى أنها هل تدل على اعتبار السيلان والمشقّة الفعلية في العفو عن دم القروح والجروح ، أو أنها إنما تدل على أنهما ما لم تبرءا يعفى عنهما في الصلاة سواء أسال دمهما أم لم يسل ، فالمعتبر أن لا ينقطع الدم لبرئهما؟
والأخبار في المسألة مستفيضة منها : موثقة أبي بصير قال : « دخلت على أبي جعفر عليهالسلام وهو يصلي فقال لي قائدي : إن في ثوبه دماً ، فلما انصرف قلت له : إن قائدي أخبرني أن بثوبك دماً ، فقال لي : إن بي دماميل ولست أغسل ثوبي حتى تبرأ » (١) وهي كما ترى مطلقة من ناحية السيلان وعدمه ، فإن الغاية في ارتفاع العفو
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٣٣ / أبواب النجاسات ب ٢٢ ح ١.