عن الإمام عليهالسلام ولا ندري أنه أيهما. والوجه في اختلاف النقل حينئذ أن الحلبي إما أنه نقل الرواية لأحد الراويين بألفاظها ونقلها للآخر بمعناها بتوهم عدم اختلاف المعنى بذلك ، أو أنه نقلها لكلا الراويين بالألفاظ ، إلاّ أن أحدهما نقل الرواية على غير النمط الذي سمعه.
ثم إنك إذا أحطت خبراً بالأخبار الواردة في المقام عرفت أن الصحيح عدم اختصاص الحكم بالرجل والبشرة وأنه مطرد في كل ما يتنعل به عادة. ويمكن الاستدلال على ذلك بوجوه :
الأوّل : التقريب المتقدم في الاستدلال برواية حفص مع الغض عن سندها فإنّها دلت على طهارة الخف بمسحه بالأرض ، وحيث إن الخف لا يحتمل أن تكون له خصوصية في المقام فيستكشف بذلك عمومية الحكم للنعال وغيره مما يتعارف المشي به.
الثاني : عموم التعليل الوارد في بعض الأخبار المتقدِّمة (١) أعني قوله عليهالسلام « إن الأرض يطهّر بعضها بعضاً » حيث يدل على أن الأرض تطهر النجاسة الحاصلة منها مطلقاً من دون فرق في ذلك بين أسفل القدم والخف وغيرهما. بيان ذلك : أن نجاسة أسفل القدم أو الخف أو غيرهما إنما حصلت من الأرض كما أُشير إليه في بعض الروايات بقوله « إن طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه » وفي آخر : « إن بيننا وبين المسجد زقاقاً قذراً » (٢) ولأجله صح أن يقال إن الأرض الطاهرة تطهر الأرض النجسة ، وهذا لا بمعنى أنها تطهر الأرض النجسة بنفسها بل بمعنى أنها تطهر الأثر المترشح من الأرض القذرة وهو النجاسة ، فوزان ذلك وزان قولنا : الماء يطهر البول والدم وغيرهما من الأعيان النجسة ، مع أن العين النجسة غير قابلة للتطهير ولا يكون الماء مطهّراً لها بوجه ، إلاّ أنه لما أمكن أن يكون مزيلاً ومطهّراً من الآثار الناشئة
__________________
(١) تقدّمت هذه الجملة في الرواية الأُولى والثانية للحلبي ورواية المعلى ، وتأتي في حسنة محمّد ابن مسلم الآتية.
(٢) وهما روايتا الحلبي المتقدِّمتان في ص ١٠١.