ويكفي في حصول الطهارة زوال عين النجاسة وإن بقي أثرها من اللّون والرائحة (١) ، بل وكذا الأجزاء الصغار التي لا تتميز (٢) ، كما في الاستنجاء (*)
______________________________________________________
الأُمور المتعارفة في عصرهم عليهمالسلام.
ثم إنّ المتعارف في تلك الأزمنة إنما كان أمرين : أحدهما : المشي حافياً. وثانيهما : المشي متنعلاً أو لابساً للخف ونحوهما ، ولم يدلنا دليل في غير الأمرين المذكورين على حصول الطهارة بالمسح أو المشي ، ولا يتعدى عنهما إلى غيرهما بوجه. والتعدِّي إلى جميع أفراد الخف والنعل إنما هو من جهة القطع بعدم اعتبار خصوصية نعل دون نعل أو خف ونحوهما ، لا أنه من جهة كون القضية حقيقية. فتعارف لبس الجورب لا يكاد أن تترتب عليه الطهارة بالمشي.
(١) لأنّ زوال الأثر بمعنى اللون والرائحة لا يعتبر في الغسل بالماء فكيف بالتطهير بالتراب ، بل اللّون والرائحة لا يزولان بالغسل المتعارف ولا بالمسح ولا المشي ولو بمقدار خمسة عشر ذراعاً ، فعلى فرض القول باعتبار زوالهما فلا مناص من المسح أو المشي إلى أن يذهب جلد القدم أو أسفل النعل أو الخف بل قد لا يرتفعان بذلك أيضاً مع أن مقتضى الإطلاقات كفاية مطلق المشي أو المسح فاعتبار الزائد على ذلك خلاف ما نطقت به الروايات. وأما ما ورد في صحيحة زرارة من قوله : « حتى يذهب أثرها » (٢) فالمتيقّن منها إرادة ذهاب العين على نحو لا يبقى منها شيء يعتد به كما هو المتعارف في الاستعمالات وأما زوال اللون والرائحة فقد عرفت أنه لا دليل على اعتباره في الغسل بالماء فضلاً عن التطهير بالتراب.
(٢) وإن اعتبر زوالها في الغسل بالماء ، والوجه في عدم اعتبار زوالها في المقام وضوح أن النجس لا ينقلع بهما على وجه لا يبقى منها أجزاؤها الصغار إلاّ في الأجسام الشفافة ، لانفصال الأجزاء الصغار عنها بالمسح ، ومع ذلك حكموا ( عليهم
__________________
(*) الأولى أن يشبّه المقام بأحجار الاستنجاء ، ولعل السهو من القلم أو أنه من غلط النسخة.
(١) المتقدِّمة في ص ٩٩.