حيواناً أو تبدل الحيوان جماداً ، كالكلب الواقع في المملحة إذا صار ملحاً أو الميتة أكلها حيوان وصارت نطفة وصارت النطفة بعد تحولاتها حيواناً مثلاً ، وبين ما إذا لم تكن بينهما مغايرة عقلاً وإن كانتا متغايرتين عرفاً ، وذلك كالخمر إذا تبدلت بالخل كما يأتي بيانه في التكلم على الانقلاب إن شاء الله. وحيث إن الأحكام الشرعية غير مبتنية على الإنظار العقلية والفلسفية ، كان الحكم بالطهارة في موارد الاستحالة منوطاً بالتبدل لدى العرف وإن لم يكن تبدل في الصورة النوعية عقلاً.
ثم إن الدليل على مطهرية الاستحالة هو أن بالاستحالة يتحقق موضوع جديد غير الموضوع المحكوم بنجاسته ، لأنه انعدم وزال والمستحال إليه موضوع آخر ، فلا بد من ملاحظة أن ذلك الموضوع المستحال إليه هل ثبتت طهارته بدليل اجتهادي أو لم تثبت طهارته كذلك؟ فعلى الأول لا مناص من الحكم بطهارته بعين ذلك الدليل ، كما إذا استحال شاة أو إنساناً أو جماداً أو غير ذلك من الموضوعات الثابتة طهارتها بالدليل. كما أنه على الثاني يحكم بطهارة المستحال إليه أيضاً لقاعدة الطهارة ، وذلك لفرض أنه مشكوك الحكم ولم تثبت نجاسته ولا طهارته بدليل. ونجاسته قبل الاستحالة قد ارتفعت بارتفاع موضوعها ولا معنى لبقاء الحكم عند انعدام موضوعه بحيث لو قلنا بنجاسته كما إذا كان المستحال إليه من الأعيان النجسة فهي حكم جديد غير النجاسة الثابتة عليه قبل استحالته ، وربما تختلف آثارهما كما إذا استحال الماء المتنجِّس بولاً لما لا يؤكل لحمه ، إذ النجاسة في الماء المتنجِّس ترتفع بالغسل مرة. وأما بول ما لا يؤكل لحمه أو الإنسان على الخلاف فلا تزول نجاسته إلاّ بغسلة مرتين إما مطلقاً أو في خصوص الثوب والجسد.
فالمتحصل : أن النجاسة في موارد الاستحالة ترتفع بانعدام موضوعها ، وأن المستحال إليه موضوع آخر لا ندري بطهارته ونجاسته فلا مناص من الحكم بطهارته لقاعدة الطهارة.
ومما ذكرناه اتضح أن عد الاستحالة من المطهرات لا يخلو عن تسامح ظاهر ، حيث إن الاستحالة موجبة لانعدام موضوع النجس أو المتنجِّس عرفاً لا أنها موجبة لطهارته مع بقاء الموضوع بحاله ، ولعل نظرهم ( قدس الله أسرارهم ) إلى أن الطهارة