يكون ما علمنا بنجاسته زائلاً حقيقة ، وأن هذا الموجود الخارجي موضوع جديد لم تتعلّق النجاسة به وإنما ترتبت على العذرة غير المحروقة ، ومع هذا الاحتمال يكون المورد شبهة مصداقية للاستصحاب فلا يمكن التمسك بإطلاق أدلته أو عمومها. وهذا مطلب سيال يأتي في جميع الشبهات المفهومية كما ذكرناه في غير واحد من المباحث منها مبحث المشتقّات حيث قلنا : إن في الشك في مثل مفهوم العالم وإنه يعم ما إذا انقضى عنه التلبس أيضاً لا يجري الاستصحاب في الموضوع لعدم تعلق الشك به ، وإنما نعلم باتصافه بالعلم سابقاً وزواله عنه فعلاً ، ولا يجري في حكمه لأجل الشك في بقاء موضوعه ، ولا يجري في الموضوع بوصف كونه موضوعاً ، لأنه راجع إلى استصحاب الحكم.
نعم ، الشك في الشبهات المفهومية التي منها المقام يرجع إلى التسمية والموضوع له فان الشك في سعته وضيقه ومآله إلى أن كلمة العذرة مثلاً هل وضعت لمطلق العذرة أو للعذرة غير المحروقة ، وكذا الحال في غير المقام ولا أصل يعين السعة أو الضيق ، ومعه لا بدّ في موارد الشك في الاستحالة من الرجوع إلى قاعدة الطهارة وبها يحكم بطهارة الموضوع المشكوك استحالته ، هذا كله في الأعيان.
وأمّا المقام الثاني : وهو الشك في الاستحالة في المتنجسات : فان كانت الشبهة موضوعية كما إذا شككنا في استحالة الخشب المتنجِّس رماداً وعدمها فلا مانع من استصحاب بقاء المادة المشتركة بين الخشب والرماد على حالتها السابقة أعني اتصافها بالجسمية السابقة ، فنشير إلى الموجود الخارجي ونقول إنه كان متصفاً بالجسمية السابقة ونشك في بقائه على ذاك الاتصاف وتبدل الجسم السابق بجسم آخر فنستصحب اتصافه بالجسمية السابقة وعدم زوال الاتصاف به ، وبذلك يحكم بنجاسته.
وهل تعقل الشبهة المفهومية في الاستحالة في المتنجِّسات؟
التحقيق عدم تصوّر الشبهة المفهومية فيها ، وذلك لأن النجاسة في الأعيان النجسة كانت مترتبة على العناوين الخاصة من الدم والعذرة وغيرهما ، ولأجله كنّا قد نتردد