الخامس : الانقلاب كالخمر ينقلب خلاًّ ، فإنّه يطهر (١) سواء كان بنفسه أو بعلاج كإلقاء شيء من الخلّ أو الملح فيه
______________________________________________________
عرفت أن عد الاستحالة من المطهرات أيضاً مبتن على المسامحة ، فيكون إطلاق المطهر على النار مسامحة في مسامحة ، هذا.
وفي بعض المؤلفات : أنّ نجاسة أي نجس إنما هي جائية من قبل المكروبات المتكونة فيه ، فاذا استعرض على النار قتلت الجراثيم والمكروبات بسببها وبذلك تكون النار مطهرة على وجه الإطلاق. ولا يخفى أن التكلم في أمر المكروب أجنبي عما هو وظيفة الفقيه ، لأنه إنما يتعبد بالأدلة والأخبار الواصلتين إليه من قبل الله سبحانه بلسان سفرائه وأوليائه الكرام ، وليس له أن يتجاوز عما وصله ، ولا يوجد فيما بأيدينا من الأخبار ولا غيرها ما يقتضي تبعية النجاسة لما في النجس من المكروب حتى تزول بهلاكه وإحراقه ، فلا بد من مراجعة الأدلّة ليرى أنها هل تدلّ على مطهرية النار أو لا ، وقد عرفت عدم دلالة شيء من الأدلّة الشرعية على ذلك.
مطهِّريّة الانقلاب
(١) التحقيق أن الانقلاب من أحد أفراد الاستحالة وصغرياتها ، وإنما أفرده بعضهم بالذِّكر وجعله قسماً من أقسام المطهرات لبعض الخصوصيات الموجودة فيه.
أمّا أنّ الانقلاب هو الاستحالة حقيقة ، فلأن تبدل الخمر خلاًّ وإن لم يكن من التبدل في الصورة النوعية لدى العقل لوحدة حقيقتهما ، بل التبدل تبدل في الأوصاف كالاسكار وعدمه ، إلاّ أنه من التبدل في الصورة النوعية عرفاً ، إذ لا شبهة في تغاير حقيقة الخلّ والخمر لدى العُرف. على أن الحرمة والنجاسة قائمتان في الأعيان النجسة بعناوينها الخاصة من البول والدم ونحوهما ، فاذا زال عنوانها زالت حرمتها ونجاستها وحيث إن الحرمة والنجاسة في الخمر مترتبتان على عنواني الخمر والمسكر الذي هو المقوم للحقيقة الخمرية فبتبدلها خلاًّ يرتفع عنها هذان العنوانان فيحكم بطهارة الخلّ وحلِّيّته.