وأمّا الخصوصية الموجبة لافراد الانقلاب بالذكر فهي جهتان :
الاولى : أن الاستحالة وإن كانت من أقسام المطهرات بالمعنى المتقدم في محله ، إلاّ أنها في تبدل الخمر خلاًّ لا تقتضي الحكم بطهارتها وحليتها ، وذلك لأن الخمر من المائعات وهي تحتاج إلى إناء لا محالة ، وهذا الإناء قد تنجس بالخمر قبل صيرورتها خلاًّ ، فاذا تبدلت خلاًّ فلا محالة يتنجّس بانائها ثانياً ، فإن الاستحالة إنما هي في الخمر لا في الإناء. نعم ، الاستحالة تقتضي ارتفاع نجاسة الخمر وحرمتها الذاتيتين ، إلاّ أنها تبتلي بالنجاسة والحرمة العرضيتين ، وفي النتيجة لا يترتب على استحالة الخمر خلاًّ شيء من الحلية والطهارة الفعليتين ، ومن ثمة نحتاج في الحكم بهما إلى الأخبار الواردة في المقام وهي كافية في إثباتهما ، وذلك لأنها دلت بالدلالة المطابقية على طهارتها وحليتها الفعليتين كما دلت بالدلالة الالتزامية على طهارة إنائها بالتبع ، لعدم إمكان الطهارة والحلية الفعليتين مع بقاء الإناء على نجاسته.
الثانية : أن الاستحالة تقتضي الطهارة والحلية مطلقاً سواء حصلت بنفسها أم بالعلاج ، مع أن انقلاب الخمر خلاًّ إذا كان بالعلاج كما إذا القي في الخمر مقدار ملح من دون أن يندك فيها وتزول عينه لا يوجب الحكم بحليتها وطهارتها ، وذلك لأن الاستحالة إنما هي في الخمر لا فيما عولجت به من ملح أو غيره ، وحيث إن ما به العلاج لاقته الخمر ونجّسته قبل استحالتها فهو يوجب تنجسها بعد استحالتها خلاًّ فلا تحصل لها الطهارة والحلية بالانقلاب ، وهذه أيضاً جهة تحوجنا إلى التشبث بالأخبار وهي قد تكفّلت بطهارة الخمر وحلِّيتها ولو كان بعلاج ، والأخبار على طوائف ثلاث :
الاولى : المطلقات الدالّة على طهارة الخلّ المتبدل من الخمر سواء أكان ذلك بنفسها أم بالعلاج ، كصحيحة علي بن جعفر عن أخيه قال : « سألته عن الخمر يكون أوّله خمراً ثم يصير خلاًّ ، قال : إذا ذهب سكره فلا بأس ... » (١) وموثقة عبيد بن زرارة
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ٣٧٢ / أبواب الأشربة المحرّمة ب ٣١ ح ١٠.