أحدهما : أنهم ذكروا أن من أقسام المطهرات الانقلاب ثم مثّلوا له بقولهم : كالخمر ينقلب خلاًّ. وهذه قرينة على أن مطهرية الانقلاب غير مختصة عندهم بما إذا انقلبت الخمر خلاًّ وإنما هو مطهر على كبرويته وإطلاقه ، ومن موارد صغرياتها انقلاب الخمر خلاًّ ، فقولهم : كالخمر ينقلب خلاًّ تمثيل تبعي ، لوروده في الأخبار لأنه الغالب في انقلاب الخمر ، لا من جهة أن مطهرية الانقلاب مختصة بذلك ، بل يأتي أن الانقلاب مطهر في جميع الأعيان النجسة ولا تختص مطهريته بالنجاسة الخمرية فليلاحظ.
وثانيهما : ملاحظة ذيل كلام الماتن قدسسره حيث قال : « الانقلاب غير الاستحالة » ، إذ لا تتبدل فيه الحقيقة النوعية بخلافها ، ولذا لا تطهر المتنجسات به وتطهر بها. حيث ظهر من تفريعه أن الانقلاب لا تترتب عليه الطهارة في المتنجسات لما سنذكره في المسألة الخامسة إن شاء الله (١) ، وإنما هو مطهر في الأعيان النجسة من دون أن تختص مطهريته بالنجاسة الخمرية فضلاً عن اختصاصها بانقلاب الخمر خلاًّ ، فالانقلاب على ذلك من أقسام المطهرات من دون حاجة في ذلك إلى الأخبار وإنما احتجنا إليها في خصوص انقلاب الخمر خلاًّ من جهة نجاسة إنائها حال خمريتها وهي موجبة لتنجسها بعد انقلابها خلاًّ ، هذا كله في هذه المسألة.
المسألة الثانية : أن الخمر إذا صبّ فيها مقدار من الماء أو غيره حتى زال سكرها من دون أن تنقلب خلاًّ أو ماء أو غيرهما كما في المسألة المتقدِّمة بل استهلكت فيما صبّ فيها أو امتزجت معه وحصلت منهما طبيعة ثالثة ، فهل تطهر بذلك أو لا؟
حكم الماتن بنجاستها ، وهو كما أفاده قدسسره لأن ما القي في الخمر من ماء أو غيره يتنجّس بمجرّد ملاقاتهما ، فإذا زال عن الخمر إسكارها فلا محالة يتنجّس به ، سواء بقي بحاله كما إذا استهلكت الخمر في الماء أم لم يبق كذلك كما إذا تبدّلا حقيقة ثالثة وذلك لأن النجاسة في الأشياء المتنجسة غير طارئة على عناوينها وإنما تترتّب على أجسامها كما مر وهي باقية بحالها بعد صيرورتهما طبيعة ثالثة ، فزوال العنوان في
__________________
(١) في ص ١٦٨.