[٣٧٤] مسألة ٤ : إذا ذهب ثلثا العصير من غير غليان لا ينجس إذا غلى بعد ذلك (*) (١).
______________________________________________________
التحقيق عدم طهارته بذلك ، لأن العصير بعد ما طهر بتثليثه لو عرضته نجاسة خارجية لم تطهر بإذهاب ثلثيه ثانياً ، لأن النصوص الواردة في المقام إنما تدل على أن ذهاب ثلثي العصير يطهره من النجاسة الحاصلة بغليانه ولا يكاد يستفاد منها كونه مطهراً له مطلقاً ولو بعد ذهاب ثلثيه مرة أو أكثر ، وبما أن العصير النجس في مفروض الكلام أوجب تنجس العصير الطاهر بالتثليث فلا يمكن الحكم بارتفاع نجاسته العرضية بتثليثه ثانياً وإن كانت نجاسة الطاهر أيضاً مستندة إلى الغليان ، والفرق بين هذه الصورة والصورة الثانية مما لا يكاد يخفى ، لأن العصير الطاهر في الصورة الثانية لم يذهب ثلثاه ، فاذا تنجس بالنجاسة المستندة إلى الغليان حكم بارتفاعها بتثليثه. وأما في الصورة الثالثة فقد فرضنا أن العصير كان نجساً وطهرناه بتثليثه ، ومعه لم يقم دليل على أنه إذا تنجس ثانياً ترتفع نجاسته بالتثليث ، هذا.
ولا يخفى أن ذلك كله يبتني على القول بنجاسة العصير بالغليان ، وقد منعناه في التكلم على نجاسته وطهارته وذكرنا أن الغليان إنما يسبب الحرمة دون النجاسة. وعليه فلا ينبغي الإشكال في حلِّيّة العصير في جميع الصور الثلاث : أما في الأُوليين فظاهر. وأما في الثالثة فلأن ذهاب الثلثين عن العصير قد أوجب الحكم بحلية شربه فإذا امتزج مع ما يحرم شربه وغلى مجموعهما ثانياً حكم بحلِّيّته بالتثليث ، لأن حلِّيّة الحلال لا تنقلب إلى الحرمة إذا زالت عن الممتزج به بإذهاب الثلثين ثانياً.
(١) ذهاب ثلثي العصير بعد ما وضع على النار وقبل أن يغلي قد يفرض مع تبدل العصير وخروجه عن كونه عصيراً ، كما إذا كان من الغلظة والثخونة بحيث ينقلب دبساً بمجرد وضعه على النار وقبل أن يغلي ، ولا شبهة حينئذ في أنه إذا غلى بعد ذلك لم يحكم بحرمته ولا بنجاسته ، لأنهما حكمان مترتبان على غليان العصير وواضح أن
__________________
(*) إذا صدق عليه العصير ترتب عليه ما يترتب على غليانه من الحرمة أو هي مع النجاسة على القول بها ، ولا أثر لذهاب ثلثيه قبل الغليان.