وبما دلّ على طهارة سؤر الهرّة (١) مع العلم بنجاسة فمها عادة لأكل الفأرة أو الميتة أو شربها المائع المتنجِّس وغير ذلك من الأسباب الموجبة لنجاسة فمها ، فلا وجه لطهارة سؤرها سوى طهارة الهرة بزوال العين عنها ، وبما دلّ على طهارة الماء الذي وقعت فيه الفأرة وخرجت حيّة (٢) مع العلم بنجاسة موضع بولها وبعرها ، وبما دلّ على طهارة الماء الذي شرب منه باز أو صقر أو عقاب إذا لم يرَ في منقارها دم (٣) مع العلم العادي بنجاسة منقارها بملاقاته الدم أو الميتة أو غيرهما من النجاسات ، لأنها من جوارح الطيور فلو لم يكن زوال العين مطهراً لمنقارها لم يكن موجب للحكم بطهارة الماء في مفروض الخبر. فهذا كله يدلنا على أن زوال العين مطهر لبدن الحيوان من دون حاجة إلى غسلها ، هذا وفي المسألة احتمالات أُخر :
أحدها : ما احتمله شيخنا الهمداني قدسسره بل مال إليه من استناد الطهارة في سؤر الحيوانات الواردة في الروايات إلى ما نفى عنه البعد في محله من عدم سراية النجاسة من المتنجِّس الجامد الخالي عن العين إلى ملاقياته ، إذ مع البناء على ذلك لا يمكن استفادة طهارة الحيوان من الأدلّة المتقدِّمة بزوال العين عنه ، لأنها دلّت على طهارة الماء الملاقي لتلك الحيوانات فحسب وهي لا تنافي بقاءها على نجاستها لاحتمال استنادها إلى عدم تنجيس المتنجسات ، ومقتضى إطلاق ما دلّ على لزوم الغسل في المتنجسات بقاء النجاسة في الحيوانات المذكورة بحالها إلى أن يغسل (٤).
وتظهر ثمرة الخلاف في الصلاة في جلدها أو صوفها المتخذين منها بعد زوال عين النجس ، لأنها بناء على هذا الاحتمال غير جائزة ما لم يرد عليهما مطهر شرعي ، وأما على القول بطهارتها بزوال العين عنها فلا مانع من الصلاة في جلدها أو صوفها لطهارتهما بزوال العين عنهما.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٢٧ / أبواب الأسآر ب ٢.
(٢) الوسائل ١ : ٢٣٨ / أبواب الأسآر ب ٩.
(٣) راجع موثقة عمار الوسائل ١ : ٢٣٠ / أبواب الأسآر ب ٤ ح ٢.
(٤) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٦٤٠ السطر ٦.