مناص حينئذ من الرجوع إلى استصحاب عدم حدوث الجلل وبه يحكم بحلية لحمه وطهارة بوله وروثه.
وإذا كان الشك في بقائه بعد العلم بالحدوث فهو أيضاً يتصور على قسمين : إذ قد تكون الشبهة مفهومية كما إذا شك في بقائه للجهل بمفهوم الجلل وأنه هل يزول بالاستبراء ثلاثة أيام أو بغير ذلك. نعم هذا لا يتحقّق إلاّ إذا بنينا على أن استبراء الجلل إنما هو بزوال اسمه عرفاً ، وأما إذا عملنا بالأخبار الواردة في تحديده فلا يتصور للجهل شبهة مفهومية بحسب البقاء للعلم ببقائه إلى انقضاء المدّة المقدّرة. نعم تتحقّق فيه الشبهة المصداقية كما يأتي عن قريب.
وعلى الجملة إذا شك في بقائه للشبهة المفهومية لا بدّ في غير المقدار المتيقن فيه من الرجوع إلى العموم أو الإطلاق لا الاستصحاب ، لما مرّ غير مرة من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية. على أن الشبهة حكمية ولا يجري فيها الاستصحاب ، بل لو قطعنا النظر عن هاتين الجهتين أيضاً لا بدّ من الرجوع إلى العموم أو الإطلاق دون الاستصحاب ، وذلك لما بنينا عليه في محله من أن الأمر إذا دار بين التمسك بالعموم أو استصحاب حكم المخصص تعيّن الأخذ بالعموم من غير فرق في ذلك بين كون الزمان مأخوذاً على وجه التقييد حتى لا يمكن جريان الاستصحاب في غير المقدار المتيقن في نفسه ، أو يكون مأخوذاً على وجه الظرفية حتى يمكن جريان الاستصحاب فيه في نفسه ، إذ العموم والإطلاق محكّمان في كلتا الصورتين كان المورد قابلاً للاستصحاب أم لم يكن (١).
ثم على تقدير التنزل والبناء على أن المورد حينئذ كما أنه ليس بمورد لاستصحاب حكم المخصص ليس بمورد للتمسك بالعموم والإطلاق أيضاً كما ذكره صاحب الكفاية قدسسره في التنبيه الذي عقده لبيان هذا الأمر في الاستصحاب (٢) حيث ذكر أن المورد قد لا يكون مورداً لشيء من العموم والاستصحاب ، لا بدّ من الرجوع فيه إلى
__________________
(١) مصباح الأُصول ٣ : ٢١٦.
(٢) كفاية الأُصول : ٤٢٤ التنبيه الثالث عشر.