أحدها : أنّ الحيوان الذي لا يؤكل لحمه إذا لم تقع عليه التذكية كما إذا مات حتف أنفه أو بسبب آخر غير شرعي فهل يجوز استعمال جلده أو لا يجوز؟ وقد ذكرنا (١) في التكلّم على الانتفاع بالميتة أن جواز الانتفاع بها فيما لا يشترط فيه الطهارة مما لا تأمل فيه وإنما استشكلنا في جواز بيعها وعليه لا مانع من استعمال جلد الحيوان في مفروض الكلام. والماتن قدسسره لم يصرِّح بهذا الفرع في كلامه وإنما أشار إليه بقوله : بعد التذكية.
ثانيها : أن جلد الحيوان الذي لا يؤكل لحمه هل يجوز أن يستعمل بعد التذكية وإن لم يدبغ ، أو أن استعماله محرم قبل دباغته؟
حكي عن الشيخ في المبسوط (٢) والخلاف (٣) وعن السيد المرتضى في مصباحه المنع من استعماله قبل الدبغ (٤). ونسبه في الذكرى إلى المشهور (٥). وعن كشف اللثام نسبته إلى الأكثر (٦). وذلك إما لتوقف تذكية الجلد وطهارته على الدبغ أو من جهة حرمة استعماله قبل الدبغ تعبداً. وذهب الآخرون إلى جواز استعماله من غير حاجة إلى الدبغ ، وهذا هو الصحيح لإطلاق الأخبار الدالّة على جواز الانتفاع بجلد الحيوان بعد التذكية منها : موثقة سماعة قال : « سألته عن جلود السباع أينتفع بها؟ قال : إذا رميت وسميت فانتفع بجلده » (٧). ومنها : موثقته الأُخرى قال : « سئل أبو عبد الله عليهالسلام عن جلود السباع ، فقال : اركبوها ولا تلبسوا شيئاً منها تصلّون فيه » (٨).
__________________
(١) في شرح العروة ٢ : ٤٧١ ٤٧٣.
(٢) المبسوط ١ : ١٥.
(٣) الخلاف ١ : ٦٤ المسألة ١١.
(٤) نقل عنه المحقق في المعتبر ١ : ٤٦٦ والعلاّمة في المختلف ١ : ٣٤٣.
(٥) الذكرى : ١٦.
(٦) كشف اللثام ١ : ٤٨٦.
(٧) الوسائل ٣ : ٤٨٩ / أبواب النجاسات ب ٤٩ ح ٢ ، ٢٤ : ١٨٥ / أبواب الأطعمة المحرمة ب ٣٤ ح ٤.
(٨) الوسائل ٤ : ٣٥٣ / أبواب لباس المصلي ب ٥ ح ٤ ، ٦.