الجسد؟ قال : صب عليه الماء مرّتين فإنّما هو ماء ... » (١) ومنها : صحيحة البزنطي المروية في آخر السرائر (٢) وهي بعين الألفاظ المنقولة من الحسنة ومضمونها. وهذه الأخبار كما ترى بين صحيحة وحسنة فلا مجال فيها للمناقشة سنداً. فإلى هنا ظهر أن الصحيح هو ما ذهب إليه الماتن وفاقاً للمشهور من وجوب التعدّد في البول.
بقي الكلام في جهات : الاولى : هل الحكم بالتعدّد يخص الثوب والبدن فيكتفى بالغسلة الواحدة في غيرهما أو أنه يعم جميع الأشياء المتنجسة بالبول؟
الأخبار الآمرة بالتعدد إنما وردت في الثوب والبدن ولا يمكننا التعدي إلى غيرهما من الأشياء الملاقية له إلاّ بدعوى دلالة الأخبار على العموم بإلغاء خصوصيتي الثوب والجسد ، وهذا مما لا سبيل إليه ، لأنّا وإن قلنا إن الأمر بغسل ما لاقاه بول أو دم أو غيرهما من الأعيان المذكورة في الروايات إرشاد إلى نجاسة الملاقي ، وتعدينا عن مواردها إلى جميع ما يلاقي الأعيان النجسة حسبما يقتضيه الفهم العرفي من مثله ، إذ الانفعال عندهم ليس من الأُمور المختصة بملاقاة الأعيان المذكورة في الأخبار ، بل المستفاد منه أن ملاقاة مطلق العين النجسة سبب في تأثر الملاقي ، إلاّ أنه في خصوص المقام ليس لنا جزم بعدم خصوصيتي الثوب والبدن في وجوب التعدّد في الغسل ، لأنه من المحتمل القوي أن الشارع أراد فيهما المحافظة على المرتبة الشديدة من الطهارة ومع هذا الاحتمال ليس لنا أن نتعدى إلى غيرهما.
وعلى الجملة إنما يمكننا التعدي إلى غير الثوب والجسد فيما إذا علمنا بعدم دخل خصوصيتهما في الحكم المترتب عليهما وجزمنا بوحدة المناط في الأشياء الملاقية مع البول بأسرها ، وأما مع عدم القطع بذلك فلا ، لأنّا نحتمل دخل خصوصيتى الثوب والبدن في حكمهما ، لوضوح أن الأحكام الشرعية تختلف باختلاف موضوعاتها مع أنها مما قد تجمعه طبيعة واحدة. فنرى أن الشارع حكم بوجوب الغسل ثلاث مرات في الإناء ولم نر من الأصحاب من تعدّى عنه إلى غيره مما صنع من مادته من صفر أو خزف أو غيرهما ، مع العلم بأن الجميع صفر أو غيره من المواد إلاّ أنه إذا اصطنع بهيئة
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ٣ : ٣٩٥ / أبواب النجاسات ب ١ ح ٣ ، ٤ ، ٣٩٦ / ح ٧.