الإناء يعتبر في تطهيره الغسل ثلاث مرّات وإذا كان على هيئة أُخرى كفى في تطهيره الغسل مرّة واحدة مثلاً. وكذا نرى أن الشارع حكم بطهارة مخرج الغائط بالتمسح بالأحجار أو بغيرها من الأجسام القالعة للقذارة ، ولا يحكم بطهارة هذا الموضع بعينه إذا تنجس بغير الغائط من النجاسات بمجرد إزالتها ، كما إذا تنجس بدم قد خرج من بطنه أو أصابه من الخارج ، بل يجب غسله بالماء.
ولأجل هذا وذاك لا يحصل القطع لنا بعدم الفرق بين الثوب والجسد وغيرهما من المتنجسات بالبول ، ولا يصغي إلى ما قيل من أن التوقف في ذلك من الخرافات ، بل الحكم بتعدّد الغسل أو الصب يختص بمورد النصوص وهو الثوب والجسد ، وأما في غيرهما فاطلاقات مطهرية الغسل محكمة وهي تقتضي الاكتفاء بالغسل مرّة واحدة.
الجهة الثانية : هل الصبة الواحدة المستمرة بقدر زمان الغسلتين أو الصبتين والفصل بينهما كافية عن الصبتين أو الغسلتين المأمور بهما في تطهير الثوب والبدن أو يعتبر تحققهما بالانفصال؟ فلو فرضنا امتداد كل من الصبتين دقيقة واحدة والفصل بينهما أيضاً كذلك بحيث كان زمانهما مع الفصل بينهما ثلاث دقائق لم تكف الصبة الواحدة المستمرة ثلاث دقائق أو أكثر في الحكم بطهارة البدن أو الثوب ، بل لا بدّ من صب الماء عليهما مرّتين بانفصال كل منهما عن الآخر أو غسلهما كذلك.
حكي عن الشهيد في الذكرى القول بكفاية الصبة الواحدة بقدر الغسلتين أو الصبّتين (١) ، وتبعه جماعة ممن تأخر عنه ، ولعله من جهة أن الاتصال بين الغسلتين بالصب ليس بأقل من القطع بينهما بالفصل. إلاّ أن الصحيح هو اعتبار الفصل بين الغسلتين أو الصبتين لأنه الذي يقتضيه الجمود على ظواهر الأخبار الآمرة بالصب أو الغسل مرّتين ، حيث إن ظواهرها أن للتعدد دخلاً في حصول الطهارة المعتبرة. ودعوى : أن وصل الماء ليس بأقل من فصله ، مندفعة بأنه وجه استحساني لا مثبت له ، فإنّه على خلاف ما عليه أهل المحاورة ، حيث إن السيد إذا أمر عبده بالسجدة مرّتين أو برسم خطّين مستقيمين لم يكتف العبد في امتثاله بالسجدة الواحدة الممتدّة
__________________
(١) الذكرى : ١٥ السطر ١٩.