بقدر زمان السجدتين والفصل بينهما أو برسم خط واحد كذلك ، فرفع اليد عن ظهور الأخبار في التعدّد بمثل ذلك من الوجوه الاستحسانية مما لا مسوّغ له.
الجهة الثالثة : هل الحكم بوجوب التعدّد يختص ببول الآدمي أو أنه يعم غيره من الأبوال النجسة؟
ظاهر الأسئلة الواردة في الروايات حسب المتفاهم العرفي هو الاختصاص لأنهم كانوا يبولون على وجه الأرض وهي على الأغلب صلبة فكان يترشح منها البول إلى أبدانهم وأثوابهم ومن أجل ذلك تصدّوا للسؤال عن حكمه ، ولا يبعد بهذه المناسبة دعوى انصراف الأخبار إلى بول الآدمي وأنه المنسبق إلى الأذهان من الأسئلة ، ولعل هذا هو الوجه في عدم استفصالهم عن كون البول مما يؤكل لحمه أو من غيره مع طهارة البول مما يؤكل لحمه. ومن ذلك يظهر أن نظرهم إنما هو السؤال عن خصوص بول الآدمي فتعميم الحكم إلى مطلق الأبوال النجسة مما لا وجه له. بل يمكن التمسّك في ذلك بإطلاق قوله عليهالسلام « اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه » (١) لأنّ مقتضى إطلاقه جواز الاكتفاء بالمرّة الواحدة في بول غير الآدمي فلا يجب التعدّد في مطلق الأبوال النجسة حينئذ.
الجهة الرابعة : أن الظاهر من أسئلتهم عن أن البول يصيب الثوب أو البدن ، هو اختصاص السؤال والجواب بما قد يصيبه البول وقد لا يصيبه فيعتبر في مثله الغسل مرّتين ، وأما ما كان في معرض الإصابة دائماً فلا تشمله الروايات بوجه ، وعليه فلا يجب التعدّد في مخرج البول حينئذ ، إذ لا يصح أن يقال إنه مما يصيبه البول ، بل إن كان هناك دليل يدل على اعتبار التعدّد فيه فهو ، وإلاّ فيقتصر فيه بالصبة الواحدة أو الغسل مرّة.
الجهة الخامسة : هل يعتبر إزالة العين النجسة قبل الغسلتين أو الصبتين أو أن إزالتها بالغسلة الأُولى كافية في حصول الطهارة بالثانية؟
__________________
(١) وهي حسنة عبد الله بن سنان المروية في الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.