( قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ) (١) وغير ذلك من الآيات ، لأنها إنما استعملت فيها بمعنى ما لا يتيسر ، لا بمعنى ما يكره وما لا يليق ، فهي على ذلك قد استعملت في الموثقة بمعنى الحرمة كما قد استعملت بهذا المعنى في قوله عليهالسلام « فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً » (٢) أي لا يتيسر لك نقض اليقين بالشك لا أنه لا يناسبك ولا يليق لك.
نعم ، يمكن أن يقال إنها وإن كانت بمعنى الحرمة لغة إلاّ أنها ظاهرة في عصرنا في المعنى المصطلح عليه أعني الكراهة والأمر غير المناسب ، وبما أن تاريخ النقل إلى المعنى المصطلح عليه غير معيّن ولا ندري أنه كان متقدماً على عصر الصدور أم كان متأخراً عنه فلا محالة تكون مجملة. والمتلخص أن الرواية إما ظاهرة في الحرمة أو أنها مجملة وعلى كلا التقديرين لا مجال لدعوى كونها قرينة على التصرف في الأخبار الناهية المتقدِّمة وحملها على الكراهة ، هذا والذي يسهّل الخطب أن المسألة متسالم عليها بين الأصحاب ولا خلاف في حرمة الأكل والشرب في أواني النقدين.
بقيت شبهة وهي أن مقتضى الأخبار المتقدِّمة حرمة الأكل في أواني الذهب والفضة وحرمة الشرب في آنية الفضة ، وأما الشرب من آنية الذهب فلم يصرح بحرمته في الأخبار المتقدِّمة حتى بناء على أن « كره » بمعنى أبغض. نعم ورد ذلك في الطائفة الثالثة إلاّ أنكم ناقشتم في دلالتها بإمكان دعوى إجمالها ، فما ادعيتم من أن الطائفة الأُولى والثانية تدلان على حرمة الأكل والشرب من أواني الذهب مما لا دليل عليه.
والجواب عنها مضافاً إلى أن المسألة متسالم عليها بينهم ، أن قوله عليهالسلام « نهى عن آنية الذّهب والفضّة » وقوله : « عن آنية الذّهب والفضّة فكرههما أي أبغضهما » وغيرهما من الأخبار المتقدِّمة في الطائفتين مطلق ، فكما أنها تشمل
__________________
(١) ص ٣٨ : ٣٥.
(٢) كما في صحيحة زرارة المروية في الوسائل ٣ : ٤٧٧ / أبواب النجاسات ب ٤١ ح ١ ، ٣ : ٤٨٢ / أبواب النجاسات ب ٤٤ ح ١.