ويحرم بيعها وشراؤها (١)
______________________________________________________
(١) ذكرنا في البحث عن المكاسب المحرمة أن مالية الأموال بالمواد لا بالصور الشخصية والصفات ، فالمال إنما يبذل بإزاء موادها فحسب ولا يقع شيء من الثمن بإزاء الصور الشخصية بالاستقلال. نعم الصور باعثة على بذل المال في مقابل المواد وموجبة للزيادة في قيمتها (١) فترى أن الصوف المغزول مثلاً تزيد قيمته على غير المغزول منه وإن كان المال مبذولاً في مقابل المادة التي هي الصوف.
فأواني النقدين لا إشكال في جواز بيعهما فيما إذا وقع الثمن في المعاملة بإزاء مادتهما من غير أن يكون للهيئة دخل في بذل الثمن بإزائها ، وذلك لوضوح أنهما من الأموال ومن هنا لو أتلفهما متلف ضمنهما كما التزم شيخنا الأنصاري قدسسره بذلك في بيع الصليب والصنم إذا قصد المعاوضة على موادهما فحسب (٢) وأما إذا باعهما بشكلهما وهيئتهما بأن كان لصورتهما دخل في المعاوضة وفي بذل المال في مقابلهما فعلى ما قدمناه أيضاً لا إشكال في صحة بيعهما ، لأن الثمن إنما يبذل بإزاء المواد ولا يقع شيء منه في قبال الصور الشخصية بوجه وإنما هي دواع للبيع فقط سواء قلنا بحرمة اقتنائهما أم لم نقل.
نعم ، على القول بحرمة الاقتناء يبتني الحكم ببطلان بيعهما على تمامية شيء من العمومات المقتضية للبطلان كقوله : « إن الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ». إذ مع القول بحرمة اقتنائهما يصدق أنهما مما حرّمه الله لحرمة جميع الأفعال المتعلقة بهما ، وقوله في رواية تحف العقول : « وكل شيء يجيء منه الفساد محضاً » (٣) إلاّ أن رواية تحف العقول ضعيفة السند ، والرواية الاولى يأتي عدم تماميتها في التعليقة الآتية ، فعلى ذلك لا مانع من جواز بيع الأواني المصوغة من النقدين.
__________________
(١) مصباح الفقاهة ١ : ١٩٨.
(٢) المكاسب ١ : ١١٤.
(٣) تحف العقول : ٣٣٥.