والتحقيق أنه لا معنى محصل لهذا النزاع لوضوح أن الأحكام التكليفية لا تتعلق على الذوات الخارجية بما هي ، وإنما تتعلق عليها بلحاظ الفعل المتعلق بها ، فلا معنى لحرمة الميتة أو الخمر مثلاً إلاّ حرمة أكلها أو شربها ، وعليه فلا معنى محصل لحرمة المأكول والمشروب في نفسهما بعد حرمة الفعل المتعلق بهما أعني الأكل والشرب.
ثم إن معنى الإفطار بالحرام هو أن يكون المفطر محرماً في نفسه مع قطع النظر عن كونه مفطراً كأكل الميتة وشرب الخمر ونحوهما ، وبما أن الأكل والشرب من آنية الذهب والفضة كذلك لحرمتهما في نفسهما فيكون الاقدام عليهما في نهار شهر رمضان إفطاراً على الحرام.
نعم ، هناك كلام في أن الحرمة في الإفطار على الحرام الموجب للجمع بين الخصال هل تعتبر أن تكون ذاتية بأن تكون ثابتة على المحرم بالعنوان الأولي كما في أكل الميتة وشرب الخمر ونحوهما ، أو أن الحرمة العرضية الطارئة على المحرم بالعنوان الثانوي أيضاً تقتضي كفارة الجمع ، كما إذا أفطر بالطعام المغصوب مثلاً إذ الطعام مباح في نفسه وإن حرم بعنوان أنه غصب وتصرف في مال الغير من غير رضاه ، أو أفطر بالأكل أو الشرب من آنية الذهب والفضة فان الطعام والشراب الموجودين في آنيتهما وإن كانا مباحين في ذاتيهما إلاّ أنهما محرمان بالعنوان الثانوي وهو كونه أكلاً أو شرباً من آنيتهما؟
والصحيح كما يأتي في محلِّه (١) بناء على أن الإفطار على الحرام موجب للجمع بين الخصال ، عدم الفرق بين الحرمة الذاتية والعرضية لإطلاق الدليل ، هذا.
ثم إن هناك نزاعاً آخر وهو أن الأكل مثلاً قد يكون محرماً بعنوان أنه مفطر ولا إشكال في أن ذلك من الإفطار على الحرام وبه يجب الجمع بين الخصال الثلاث سواء أكانت حرمته ذاتية أم كانت عرضية ، كما إذا أكل الميتة أو الطعام المغصوب في نهار شهر رمضان ، وقد يكون محرماً لا بعنوان أنه مفطر بل بعنوان آخر وإن كان قد ينطبق على المفطر ، كما إذا أكل طعاماً مضراً له وهو ملكه ، فإن الأكل وإن كان محرماً حينئذ
__________________
(١) في المسألة [٢٤٧٢].