[٤١٣] مسألة ١٦ : إذا توضّأ أو اغتسل من إناء الذّهب أو الفضّة مع الجهل بالحكم أو الموضوع صح (*) (١).
______________________________________________________
(١) قد يفرض الكلام فيما إذا كان التوضؤ أو الاغتسال محرماً في نفسه ، كما إذا توضأ أو اغتسل بالارتماس فإنّه استعمال للآنيتين وقد فرضنا حرمته. وقد يفرض فيما إذا كانت مقدمتهما محرمة لا نفسهما كما إذا توضأ أو اغتسل منهما بالاغتراف لما مرّ من أن المحرم ليس إلاّ تناول الماء من الآنيتين لا الأفعال المترتبة عليه. ومحل الكلام في هذه الصورة ما إذا لم نقل بصحة الوضوء أو الغسل عند العلم بالحرمة وموضوعها بالترتب ، لأنه على ذلك لا مناص من الالتزام بصحتهما مع الجهل بالأولوية.
أمّا الصورة الاولى : فلا تردد في الحكم ببطلانهما ، لما ذكرناه في محله من أن الفعل إذا حرم بذاته استحال أن يكون مصداقاً للواجب لأنه مبغوض ولا يكون المبغوض الواقعي مقرباً بوجه ، وجهل المكلف حرمته وإن كان عذراً له إلاّ أنه لا يغيّر الواقع عما هو عليه ولا ينقلب المبغوض محبوباً ومقرباً بسببه. وهذه المسألة طويلة الذيل وقد تعرضنا لتفصيلها في بحث اجتماع الأمر والنهي وقلنا إن ما نسب إلى المشهور من الحكم بصحة العبادة مع الجهل بحرمتها لا يجتمع مع القول بالامتناع فلا بد من الالتزام ببطلانها أو القول بالجواز أعني جواز الاجتماع (٢).
وأمّا الصورة الثانية : فحاصل الكلام فيها أن الحكم ببطلان الغسل والوضوء لما كان مستنداً إلى التزاحم بين حرمة المقدمة ووجوبهما وسقوطهما عن الوجوب للعجز عن المقدمة ، انحصر ذلك بما إذا تنجزت حرمة المقدمة بأن كان المكلف عالماً بحكمها وموضوعها ، وأما إذا لم يكن كذلك لجهل المكلف بحرمتها من جهة الشبهة الحكمية أو الموضوعية فلا موجب لسقوطهما عن الوجوب لإباحة المقدمة ولو ظاهراً.
__________________
(*) إذا فرض بطلان الوضوء أو الغسل مع العلم فالحكم بالصحة في فرض الجهل إنما هو مع كونه عذراً شرعياً.
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٢٣٨.