لغيره من الجهات المتقدِّمة في مواردها ، هذا كله في المتنجِّس بالأعيان النجسة. فتلخص أن المرّة الواحدة كافية في إزالتها.
وأما المتنجِّس بالمتنجس بتلك النجاسات فلا مناص من الحكم بكفاية المرّة الواحدة في تطهيره ، لأن المرّة إذا كانت كافية في إزالة نجاسة الأعيان النجسة كانت موجبة لطهارة المتنجِّس بالمتنجس بها بالأولوية القطعية. نعم ، فيما إذا كانت العين مما يعتبر فيه التعدّد كالبول لم يمكن الحكم بكفاية المرّة في المتنجِّس بها مع الواسطة ، لعدم زوال العين إلاّ بالتعدد ، فهل يلتزم فيه بالتعدد أو تكفي فيه المرّة أيضاً؟
الثاني هو الصحيح ، وذلك لمعتبرة العيص بن القاسم قال : « سألته عن رجل أصابته قطرة من طشت فيه وضوء فقال : إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه » (١) لأن إطلاقها يقتضي الحكم بكفاية الغسلة الواحدة في المتنجِّس بالماء المتنجِّس بالبول أو بغيره من النجاسات ، هذا.
وقد يناقش في الاستدلال بالرواية من جهتين إحداهما : الإضمار ، ويدفعه : أن جلالة شأن العيص مانعة عن احتمال رجوعه في الأحكام الشرعية إلى غير الإمام عليهالسلام فالإضمار في حقه غير مضر. وثانيتهما : الإرسال ، ويرد عليه : أنّ ظاهر قول الشهيد (٢) أو المحقِّق (٣) قدسسرهما قال العيص أو روى أو ما هو بمضمونهما أنه إخبار حسي لأنه ينقلها عن نفس الرجل ، وكلما دار أمر الخبر بين أن يكون إخباراً حسياً أو إخباراً حدسياً حمل على الحس على ما بيّناه في محله ، وبما أن الشهيد لم يكن معاصراً للرجل فلا مناص من حمل قوله هذا على أنه وجدها في كتاب قطعي الانتساب إلى العيص ، وحيث إنه ثقة عدل فيعتمد على نقله وروايته فلا إشكال في الرواية بوجه.
فتحصل أن المتنجِّس بالأعيان النجسة والمتنجِّس به يطهر بغسله مرّة واحدة. نعم الإناء المتنجِّس بالبول أو الولوغ أو بغيرهما من الأعيان النجسة لا بدّ فيه من التعدّد
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢١٥ / أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ١٤.
(٢) الذكرى : ٩ السطر ١٧.
(٣) المعتبر ١ : ٩٠.