المؤمنين وقيل : الطور وما حوله ، وقيل : دمشق وفلسطين وبعض الاردن ، وقيل : الشام.(١)
« التي كتب الله لكم » قال الطبرسي : أي كتب لكم في اللوح أنها لكم ، وقيل : أي وهب الله لكم ، وقيل : أمركم الله بدخولها. فإن قيل : كيف كتب الله لهم مع قوله : « فإنها محرمة عليهم » فجوابه أنها كانت هبة من الله لهم ثم حرمها عليهم ، وقيل : الذين كتب لهم هم الذين كانوا مع يوشع بعد موت موسى بشهرين « ولا ترتدوا على أدباركم » أي لا ترجعوا عن الارض التي امرتم بدخولها ، أو عن طاعة الله.
قال المفسرون : لما عبر موسى وبنو إسرائيل البحر وهلك فرعون أمرهم الله بدخول الارض المقدسة ، فلما نزلوا عند نهر الاردن خافوا من الدخول ، فبعث موسى عليهالسلام من كل سبط رجلا وهم الذين ذكرهم الله سبحانه في قوله : « وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا » فعاينوا من عظم شأنهم وقوتهم شيئا عجيبا ، فرجعوا إلى بني إسرائيل فأخبروا موسى عليهالسلام بذلك فأمرهم أن يكتموا ذلك ، فوفى اثنان منهم يوشع بن نون من سبط بنيامين ، وقيل : إنه كان من سبط يوسف ، وكالب بن يوفنا من سبط يهودا ، وعصى العشرة وأخبروا بذلك ، وقيل : كتم خمسة منهم وأظهر الباقون ، وفشا الخبر في الناس فقالوا : إن دخلنا عليهم تكون نساؤنا وأهالينا غنيمة لهم ، وهموا بالانصراف إلى مصر وهموا بيوشع وكالب ، و أرادوا أن يرجموهما بالحجارة ، فاغتاظ لذلك موسى عليهالسلام وقال : « رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي » فأوحى الله إليه : إنهم يتيهون في الارض أربعين سنة ، وإنما يخرج منهم من لم يعص الله في ذلك ، فبقوا في التيه أربعين سنة في ستة عشر فرسخا ، وقيل : تسعة فراسخ ، وقيل : ستة فراسخ ، وهم ستمائة ألف مقاتل ، لا تنخرق ثيابهم وتنبت معهم ، و ينزل عليهم المن والسلوى ، ومات النقباء غير يوشع بن نون وكالب ، ومات أكثرهم ونشأ ذراريهم فخرجوا إلى حرب أريحا(٢) وفتحوها ، واختلفوا فيمن فتحها فقيل : فتحها موسى
_________________
(١) انوار التنزيل ١ : ١٢٨.
(٢) أريحا بالفتح والكسر ـ ورواه بعضهم بالخاء المعجمة ـ لغة عبرانية. قال ياقوت : هى مدينة الجبارين في الغور من أرض الاردن بالشام. بينها وبين بيت المقدس يوم للفارس ، في جبال صعب المسلك ، سميت فيما قيل بأريحا بن مالك بن ارفخشد بن سام بن نوح عليهالسلام.