من ثيابه وقطر منها الدم ، فقال موسى : يا رب إن لم تغضب لي فلست لك بنبي! فأوحى الله إليه قد أمرت السماوات والارض أن تطعك فمرهما بما شئت ، (١) وقد كان قارون أمر أن يغلق باب القصر ، فأقبل موسى فأومأ إلى الابواب فانفرجت ودخل عليه ، فلما نظر إليه قارون علم أنه قد اوتي بالعذاب ، (٢) فقال : يا موسى أسألك بالرحم التي بيني وبينك ، فقال له موسى : يا ابن لاوي لا تردني من كلامك ، يا أرض خذيه ، فدخل القصر بما فيه في الارض ، ودخل قارون في الارض إلى الركبة(٣) فبكى وحلفه بالرحم ، فقال له موسى : يا ابن لاوي لا تردني من كلامك ، (٤) يا أرض خذيه ، فابتلعته بقصره وخزائنه ، وهذا ما قال موسى لقارون يوم أهلكه الله ، فعيره الله بما قاله لقارون ، فعلم موسى أن الله قد عيره بذلك ، فقال : يا رب إن قارون دعاني بغيرك ، ولو دعاني بك لاجبته ، فقال الله : يا ابن لاوي لا تردني من كلامك ، فقال موسى : يا رب لو علمت أن ذلك لك رضى لاجبته ، فقال الله تعالى : يا موسى وعزتي وجلالي وجودي(٥) ومجدي وعلو مكاني لو أن قارون كما دعاك دعاني لاجبته ، ولكنه لما دعاك وكلته إليك ، يا ابن عمران لا تجزع من الموت فإني كتبت الموت على كل نفس ، وقد مهدت لك مهادا لو قد وردت عليه لقرت(٦) عيناك ، فخرج موسى إلى جبل طور سيناء مع وصيه ، فصعد موسى الجبل فنظر إلى رجل قد أقبل ومعه مكتل ومسحاة ، (٧) فقال له موسى : ما تريد؟ قال : إن رجلا من أولياء الله قد توفي فأنا أحفر له قبرا ، فقال له موسى : أفلا اعينك عليه؟ قال : بلى ، قال : فحفرا القبر فلما فرغا أراد الرجل أن ينزل إلى القبر ، فقال له موسى : ما
_________________
(١) في نسخة : قد امرت الارض ان تطيعك فمرها بما شئت. وكذا في المصدر الا ان فيه : الارضين.
(٢) في المصدر : قد اتى بالعذاب.
(٣) في نسخة وفى المصدر : إلى ركبتيه.
(٤) في نسخة لا يردنى كلامك.
(٥) في نسخة وفى المصدر : وحق جودى.
(٦) في نسخة : لقرت عينك.
(٧) المكتل والمكتلة : زنبيل من خوص. والمسحاة : ما يسحى به كالمجرفة