فضلا منه ورحمة ، فطلبوها فوجدوها عند الفتى فاشتروها بملء مسكها ذهبا ، وقال السدي اشتروها بوزنها عشر مرات ذهبا.
واختلفوا في البعض المضروب به : فقال ابن عباس : ضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف وهو المقتل ، وقال الضحاك : بلسانها ، وقال الحسين بن الفضل هذا أولى الاقاويل ، لان المراد كان من إحياء القتيل كلامه واللسان آلته ، وقال سعيد بن جبير : بعجب ذنبها ، وقال يمان(١) بن رئاب وهو أولى التأويلات بالصواب : (٢) العصعص أساس البدن الذي ركب عليه الخلق ، وإنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى ، وقال مجاهد : بذنبها ، وقال عكرمة والكلبي : بفخذها الايمن ، وقال السدي : بالبضعة التي بين كتفيها ، وقيل : باذنها.(٣) ففعلوا ذلك فقام القتيل حيا بإذن الله تعالى وأوداجه تشخب دما ، وقال : قتلني فلان ، ثم سقط ومات مكانه.(٤)
أقول : وقال السيد بن طاوس رحمهالله في كتاب سعد السعود : وجدت في تفسير منسوب إلى أبي جعفر الباقر عليهالسلام وأما قول الله تعالى: « إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة » فذلك أن رجلين من بني إسرائيل وهما أخوان وكان لهما ابن عم أخ أبيهما وكان غنيا مكثرا ، وكانت لهما ابنة عم حسناء شابة كانت مثلا في بني إسرائيل بحسنها وجمالها خافا أن ينكحها ابن عمها ذلك الغني فعمدا فقتلاه فاحتملاه فألقياه إلى جنب قرية ليبرؤوا منه ، وأصبح القتيل بين ظهرانيهم ، فلما غم عليهم شأنه ومن قتله قال أصحاب القرية الذين وجد عندهم : يا موسى ادع الله لنا أن يطلع على قاتل هذا الرجل ، ففعل موسى ثم ذكر ما ذكره الله جل جلاله في كتابه ، وقال ما معناه : إنهم شددوا فشدد الله عليهم ، ولو ذبحوا في الاول أي بقرة كانت كافية ، فوجدوا البقرة لامرأة فلم تبعها لهم إلا بملء جلدها ذهبا ، وضربوا المقتول ببعضها ، فعاش فأخبرهم بقاتله فاخذا فقتلا فاهلكا في الدنيا ، وهكذا يقتلهما ربنا في الآخرة.(٥)
_________________
(١) في المصدر : وقال غياث.
(٢) في المصدر : وهو أولى التأويلات بالصواب ، لان عجب الذنب أساس البدن.
(٣) في نسخة : باذنيها.
(٤) عرائس الثعلبى : ١٣٠ ـ ١٣٢.
(٥) سعد السعود : ١٢١ ـ ١٢٢ ، فيه وفى نسخة : يقتله دنيا وآخرة.