في العالم الذي أتاه موسى عليهالسلام أيهما كان أعلم؟ وهل يجوز أن يكون على موسى حجة في وقته وهو حجة الله على خلقه؟ فقال قاسم الصيقل : فكتبوا إلى أبي الحسن الرضا عليهالسلام يسألونه عن ذلك ، فكتب في الجواب : أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزائر البحر إما جالسا وإما متكئا ، فسلم عليه موسى فأنكر السلام إذ كان بأرض ليس بها سلام ، فقال : من أنت؟ قال : أنا موسى بن عمران ، قال : أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال : نعم ، قال : فما حاجتك؟ قال : جئت(١) لتعلمني مما علمت رشدا ، قال : إني وكلت بأمر لا تطيقه ، ووكلت بأمر لا اطيقه ، ثم حدثه العالم بما يصيب آل محمد من البلاء حتى اشتد بكاؤهما ، ثم حدثه عن فضل آل محمد حتى جعل موسى يقول : يا ليتني كنت من آل محمد ، وحتى ذكر فلانا وفلانا(٢) ومبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قومه ، وما يلقى منهم ومن تكذيبهم إياه ، وذكر له تأويل هذه الآية : « ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة » حين أخذ الميثاق عليهم فقال موسى : « هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا » فقال الخضر : « إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا » فقال موسى : « ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا » قال الخضر : « فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى احدث لك منه ذكرا » يقول : لا تسألني عن شئ أفعله ولا تنكره علي حتى اخبرك أنا بخبره ، قال : نعم ، فمروا ثلاثتهم حتى انتهوا إلى ساحل البحر ، وقد شحنت سفينة(٣) وهي تريد أن تعبر ، فقال أرباب السفينة : نحمل هؤلاء الثلاثة نفر فإنهم قوم صالحون ، فحملوهم فلما جنحت السفينة(٤) في البحر قام الخضر إلى جوانب السفينة فكسرها وحشاها بالخرق والطين ، فغضب موسى عليهالسلام غضبا شديدا ، وقال للخضر : « أخرفتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا » (٥) فقال له الخضر : « ألم أقل
_________________
(١) في المصدر : جئتك.
(٢) زاد في المصدر : وفلانا.
(٣) أى ملئت.
(٤) جنحت السفينة : بلغت ماء رقيقا فلصقت بالارض.
(٥) الامر : العجيب. المنكر.