يتبع الهوى ، قال : فأي عبادك أعلم؟ قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علمه ، عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردى ، (١) قال : إن كان في عبادك أعلم مني فادللني عليه ، قال : أعلم منك الخضر ، قال : أين أطلبه؟ قال : على الساحل عند الصخرة قال : كيف لي به؟ قال : تأخذ حوتا في مكتلك ، (٢) فحيث فقدته فهو هناك ، فقال لفتاه : إذا فقدت الحوت فأخبرني ، فذهبا يمشيان « فلما بلغا مجمع بينهما » أي مجمع البحرين و « بينهما » ظرف اضيف إليه على الاتساع ، أو بمعنى الوصل « نسيا حوتهما » نسي موسى أن يطلبه ويتعرف حاله ، ويوشع أن يذكر له ما رأى من حياته ووقوعه في البحر. وروي أن موسى رقد فاضطرب الحوت المشوي ووثب في البحر معجزة لموسى أو الخضر ، وقيل : توضأ يوشع من عين الحياة فانتضح الماء عليه فعاش ووثب في الماء ، وقيل : نسيا تفقد أمره وما يكون منه أمارة على الظفر بالمطلوب « فاتخذ سبيله في البحر سربا » فاتخذ الحوت طريقه في البحر مسلكا من قوله : « وسارب بالنهار(٣) » وقيل : أمسك الله جرية الماء على الحوت فصار كالطاق عليه(٤) « فلما جاوزوا » مجمع البحرين « قال لفتاه آتنا غداءنا » ما نتغدى به « لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا » قيل : لم ينصب حتى جاوز الموعد فلما جاوزه وسار الليلة والغد إلى الظهر القي عليه الجوع والنصب ، وقيل : لم يعي(٥) موسى في سفر غيره ، ويؤيده التقييد باسم الاشارة « قال أرأيت » ما دهاني « إذ أوينا إلى الصخرة » يعني الصخرة التي رقد عندها موسى ، وقيل : هي الصخرة التي دون نهر الزيت « فإني نسيت الحوت » فقدته أو نسيت ذكره بما رأيت منه « وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره » أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان ، ولعله نسي ذلك لانجذاب شراشره إلى جناب القدس ، وإنما نسبه إلى الشيطان هضما لنفسه ، أو لان عدم احتمال القوة للجانبين
_________________
(١) الردى : الهلاك.
(٢) المكتل بالكسر : زنبيل من خوص.
(٣) الرعد : ١٠.
(٤) هكذا في المطبوع والمخطوط ، والصواب « كالطافى عليه » كما في المصدر ، من طفا يطفو : علا فوق الماء ولم يرسب ، ومنه السمك الطافى وهو الذى يموت في الماء فيعلو ويظهر.
(٥) أى لم يتعب ولم يكل.