فقال : يا نصراني أفهؤلاء كانوا قبل عيسى أم عيسى كان قبلهم؟ قال : بل كانوا قبله ، فقال عليهالسلام : فمتى اتخذتم عيسى ربا جاز لكم أن تتخذوا اليسع وحزقيل ، (١) لانهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى من إحياء الموتى وغيره ، إن قوما من بني إسرائيل هربوا من بلادهم من الطاعون وهم الوف حذر الموت فأماتهم الله في ساعة واحدة ، فعمد أهل تلك القرية فحظروا عليهم حظيرة ، فلم يزالوا فيها حتى نخرت عظامهم وصاروا رميما ، فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل فتعجب منهم ومن كثرة العظام البالية ، فأوحى الله عزوجل إليه : أتحب أن احييهم لك فتنذرهم؟ قال : نعم يا رب ، فأوحى الله إليه : أن نادهم ، فقال : أيتها العظام البالية قومي بإذن الله عزوجل ، فقاموا أحياء أجمعون ينفضون التراب عن رؤوسهم.(٢)
٩ ـ ج : في حديث الزنديق الذي سأل الصادق عليهالسلام عن مسائل قال عليهالسلام : أحيا الله قوما خرجوا عن أوطانهم هاربين من الطاعون لا يحصى عددهم ، فأماتهم الله دهرا طويلا حتى بليت عظامهم وتقطعت أوصالهم وصاروا ترابا ، فبعث الله في وقت أحب أن يري خلقه قدرته نبيا يقال له حزقيل ، فدعاهم فاجتمعت أبدانهم ، ورجعت فيها أرواحهم ، وقاموا كهيئة يوم ماتوا لا يفقدون من أعدادهم رجلا فعاشوا بعد ذلك دهرا طويلا.(٣)
أقول : إنما أوردنا قصة حزقيل عليهالسلام ههنا تبعا للمشهور بين المفسرين والمؤرخين ، والظاهر من بعض الروايات(٤) تأخره عن تلك المرتبة.
_________________
(١) في العيون : أن تتخذوا اليسع وحزقيل وبين.
(٢) احتجاج الطبرسى : ٢٢٨ و ٢٢٩ توحيد الصدوق : ٤٣٤ و ٤٣٦ ، عيون الاخبار : ٩٠ ـ ٩١ والحديث طويل ذكره المصنف في كتاب الاحتجاجات ، راجع ج ١٠ : ٢٩٩ ـ ٣١٨.
(٣) احتجاج الطبرسى : ١٨٨ ، والحديث طويل أخرجه المصنف في كتاب الاحتجاجات ، راجع ج ١٠ : ١٦٤ ـ ١٨٨. قلت : قوله : فدعاهم كما قبله لا ينافى حديث المعلى ، إذ من الجائز أن صب عليهم الماء ثم دعاهم.
(٤) كالرواية الخامسة الدالة على أنه كان بعد سليمان عليهالسلام أو في عصره.