بيان : قال الشيخ أمين الدين الطبرسي : أما ذو الكفل فاختلف فيه فقيل : إنه كان رجلا صالحا ولم يكن نبيا ، ولكنه تكفل لنبي صوم النهار ، وقيام الليل ، وأن لا يغضب ، ويعمل بالحق ، فوفى بذلك فشكر الله ذلك له ، عن أبي موسى الاشعري وقتادة ومجاهد ، وقيل : هو نبي اسمه ذو الكفل ، عن الحسن ، قال : ولم يقص الله خبره مفصلا ، وقيل : هو إلياس ، عن ابن عباس ، وقيل : كان نبيا وسمي ذا الكفل بمعنى أنه ذو الضعف فله ضعف ثواب غيره ممن هو في زمانه ، لشرف عمله ، عن الجبائي ، وقيل : هو اليسع بن خطوب الذي كان مع إلياس ، وليس اليسع الذي ذكره الله في القرآن ، تكفل لملك جبار إن هو تاب دخل الجنة ، ودفع إليه كتابا بذلك ، فتاب الملك وكان اسمه كنعان فسمي ذا الكفل ، والكفل في اللغة : الخط.
وفي كتاب النبوة بالاسناد عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني وذكر نحوا مما مر انتهى.(١)
وقال البيضاوي : « وذا الكفل » يعني إلياس ، وقيل : يوشع ، وقيل زكريا.(٢)
أقول : وقال بعض المؤرخين أنه بشر بن أيوب الصابر وذهب أكثرهم إلى أنه كان وصي اليسع ، وقد مر في الباب الاول أنه يوشع ، وقد مر منا فيه كلام ، وإنما أوردناه في تلك المرتبة تبعا لاكثر المؤرخين ، وإن كان يظهر من الخبر أنه كان بعد سليمان عليهالسلام ، وذكر المسعودي أن حزقيل وإلياس وذا الكفل وأيوب كانوا بعد سليمان عليهالسلام وقبل المسيح عليهالسلام.
وقال الثعلبي في كتاب العرائس : وقال بعضهم : ذو الكفل بشر بن أيوب الصابر ، بعثه الله بعد أبيه رسولا إلى أرض الروم ، فآمنوا به وصدقوه واتبعوه ، ثم إن الله تعالى أمره(٣) بالجهاد فكاعوا(٤) عن ذلك وضعفوا ، وقالوا : يا بشر إنا قوم نحب الحياة ونك الموت ، ومع ذلك نكره أن نعصي الله ورسوله ، فإن سألت الله تعالى أن يطيل أعمارنا
_________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٥٩ ـ ٦٠ ، وفيه : اسمه عدويا بن ادارين.
(٢) انوار التنزيل ٢ : ٨٩.
(٣) في المصدر : أمرهم.
(٤) في المصدر : فكفوا.