ولا يميتنا إلا إذا شئنا لنعبده ونجاهد أعداءه ، فقال لهم بشر بن أيوب : لقد سألتموني عظيما وكلفتموني شططا ، ثم إنه قام وصلى ودعا وقال : « إلهي أمرتني أن نجاهد(١) أعداءك ، وأنت تعلم أني لا أملك إلا نفسي ، وإن قومي قد سألوني ما أنت أعلم به مني ، فلا تأخذني(٢) بجريرة غيري ، فإني أعوذ برضاك من سخطك ، وبعفوك من عقوبتك » قال : وأوحى الله تعالى إليه : يا بشر إني سمعت مقالة قومك ، وإني قد أعطيتهم ما سألوني ، فطولت أعمارهم فلا يموتون إلا إذا شاؤوا ، فكن كفيلا لهم مني بذلك ، فبلغهم بشر رسالة الله فسمي ذا الكفل ، ثم إنهم توالدوا وكثروا ونموا حتى ضاقت بهم بلادهم ، وتنغصت عليهم معيشتهم ، وتأذوا بكثرتهم ، فسألوا بشرا أن يدعو الله تعالى أن يردهم إلى آجالهم ، فأوحى الله تعالى إلى بشر : أما علم قومك إن اختياري لهم خير من اختيارهم لانفسهم؟ ثم ردهم إلى أعمارهم فماتوا بآجالهم ، قال : فلذلك كثرت الروم حتى يقال : إن الدنيا خمسة أسداسها الروم ، وسموا روما لانهم نسبوا إلى جدهم روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهالسلام ، قال وهب : وكان بشر بن أيوب مقيما بالشام عمره حتى مات ، وكان عمره خمسا وتسعين سنة.(٣)
وقال السيد بن طاوس في سعد السعود : قيل : إنه تكفل لله تعالى جل جلاله أن لا يغضبه قومه فسمي ذا الكفل ، وقيل : تكفل لنبي من الانبياء أن لا يغضب فاجتهد إبليس أن يغضبه بكل طريق فلم يقدر فسمي ذا الكفل لوفائه لنبي زمانه أنه لا يغضب.(٤)
_________________
(١) في المصدر : قال : الهى أمرتنى بتبليغ الرسالة فبلغتها ، وأمرتنى أن اجاهد إه.
(٢) في المصدر : فلا تؤاخذنى.
(٣) العرائس : ٩٥ ، وذيل الخبر لا يلائم ما تقدم مما أعطاهم الله من طول العمر حتى ضاقت عليهم الارض من كثرة الاولاد.
(٤) سعد السعود : ٢٤١.