مقدار ملء كفه « فشربوا منه » أي أكثر من غرفة « إلا قليلا منهم » وقيل : إن الذين شربوا منه غرفة كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، وقيل : أربعة آلاف رجل ، ونافق ستة وسبعون ألفا ، ثم نافق الاربعة آلاف إلا ثلاث مائة وبضعة عشر ، وقيل : من استكثر من ذلك الماء عطش ومن لم يشرب إلا غرفة روي وذهب عطشه ، ورد طالوت عند ذلك العصاة منهم فلم يقطعوا معه النهر « فلما جاوزه » أي فلما تخطى النهر طالوت والمؤمنون معه ، وروي أنه جاوز معه المؤمنون خاصة كانوا مثل عدد أهل بدر ، وقيل : بل جاوزا المؤمنون والكافرون إلا أن الكافرين انعزلوا(١) وبقي المؤمنون على عدد أهل بدر وهذا أقوى ، (٢) فلما رأوا كثرة جنود جالوت « قالوا » أي الكفار منهم « قال الذين يظنون » أي يستقنون « أنهم ملاقوا الله » أي راجعون إلى الله وإلى جزائه ، أو يظنون أنهم ملاقو الله بالقتل في تلك الوقعة ، وهم المؤمنون الذين عددهم عدة أهل بدر « كم من فئة » أي فرقة « بإذن الله » أي بنصره « افرغ علينا » أي اصبب علينا « وثبت أقدامنا » حتى لا نفر « وآتاه الله » أي داود « الملك » بعد قتل جالوت بسبع سنين « والحكمة » قبل النبوة ولم يكن نبيا قبل قتله جالوت ، فجمع الله له الملك والنبوة عند موت طالوت في حالة واحدة ، لانه لا يجوز أن يترأس من ليس بنبي على نبي ، وقيل : يجوز ذلك إذا كان يفعل ما يفعل بأمره ومشورته « وعلمه مما يشاء » من امور الدين والدنيا ، منها : صنعة الدروع فإنه كان يلين له الحديد كالشمع ، وقيل : الزبور والحكم بين الناس وكلام الطير والنمل ، وقيل : الصوت الطيب والالحان.(٣)
١ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، والحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله عزوجل : « إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون
_________________
(١) في المصدر : انخزلوا. أى انفردوا.
(٢) في المصدر : لقوله تعالى : « فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه » قلت : لعل الاول اولى لقوله تعالى بعد ذلك : « قالوا لا طاقة » إه. والاحاديث الاتية تدل على ذلك.
(٣) مجمع البيان ٢ : ٣٥١ ـ ٣٥٧.