قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ، وكنه في خطابك(١) إياه ولا يرو عنك ما ألبسته من لباس الدنيا ، فإن ناصيته بيدي ، ولا يطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا بعلمي ، وأخبره بأني إلى العفو والمغفرة أسرع إلى الغضب والعقوبة ، وقل له : أجب ربك فإنه واسع المغفرة قد أمهلك طول هذه المدة وأنت في كلها تدعي الربوبية دونه ، وتصد عن عبادته ، وفي كل ذلك تمطر عليك السماء ، وتنبت لك الارض ، ويلبسك العافية ، ولو شاء لعاجلك بالنقمة ، ولسلبك ما أعطاك ، ولكنه ذو حلم عظيم. ثم امسك عن موسى سبعة أيام ، ثم قيل له بعد سبع ليال : أجب ربك يا موسى فيما كلمك. فقال : « رب اشرح لي صدري » الآية ، فلما رجع موسى شيعته الملائكة ، فكان قلب موسى مشتغلا بولده ، وأراد أن يختنه فأمر الله عزوجل ملكا فمد يده ولم يزل قدمه عن موضعها حتى جاء به ملففا في خرقته ، وتناوله موسى ، فأخذ حجرتين فحك أحدهما بالآخر حتى حدده كالسكين فختن بهما(٢) ابنه ، فتفل الملك عليه وبرئ من ساعته ، ثم رده الملك إلى موضعه ، ولم يزل أهل موسى في ذلك الموضع حتى مر راع من أهل مدين فعرفهم واحتملهم وردهم إلى مدين ، وكانوا عند شعيب حتى بلغهم خبر موسى عليهالسلام بعدما فلق البحر وجاوزه بنو إسرائيل ، وغرق الله فرعون فبعثهم شعيب إلى موسى عليهالسلام بمصر.(٣)
ايضاح : فتحز بالزاي المعجمة أي تقطع. والخصاص : كل خلل وخرق في باب وغيره. والفرضة بالضم من النهر : ثلمة يستقى منها ، ومن البحر محط السفن. وسخره كمنعه : كلفه مالا يريد وقهره. والزند : الذي يقدح به النار. وروي النار : اتقادها. و المحجن كمنبر : كل معطوف معوج. وطريق مهيع : بين. والمقلاع : الذي يرمى به الحجر. وصريف ناب البعير : صوتها. وتلمظت الحية : أخرجت لسانها. وترمرم : تحرك للكلام ولم يتكلم.
_________________
(١) أى سمه بالكنية عند الخطاب. (٢) في المصدر : به. م
(٣) عرائس الثعلبى : ١٠٥ ـ ١١٤ ، وفد اختصره المصنف فاسقط منه كثيرا. م