دلّتنا ببركة القرائن على أن المسح لا بدّ من أن يكون باليد وما دون الزند ، وهذا الوجه هو المتعيّن في المقام ، وذلك للقطع بعدم إرادة الإطلاق لا في الآية المباركة ولا في الأخبار ، بحيث يشمل المسح بكل شيء ولو بالأجسام الخارجية من الخرقة والخشبة ونحوهما ، وحيث إن الوجهين الأولين غير ثابتين كما عرفت فيكون الوجه الأخير هو المتعيّن في محل الكلام.
هذا كله فيما إذا لم نقل بأن الأخبار البيانية الحاكية لفعل رسول الله صلىاللهعليهوآله حكاية فعل ولا دلالة لها إلاّ على الجواز أو الاستحباب ، من غير أن تكون لها أية دلالة على الوجوب ، وأما إذا قلنا بذلك فلا يبقى لها دلالة على الوجوب بالإطلاق حتى نحتاج إلى تقييده وحملها على أحد المحامل المتقدمة.
فتحصل : أنّ مقتضى الأخبار البيانية على تقدير أن يكون لها الدلالة على الوجوب أن يكون المسح بما دون الزند ، وأنه المراد من سائر المطلقات والآية المباركة ، هذا على أن المسألة اتفاقية كما حكاه صاحب الحدائق عن جملة من أصحابنا (١).
ومنها : أن يكون المسح بباطن الكف ، ولم يرد ذكر باطن الكف في شيء من النصوص ، ومقتضى إطلاقها عدم تعيّن المسح بباطنه ، نعم لو قلنا بانصراف المطلقات الآمرة بالمسح إلى ما هو المتعارف الدارج في الخارج أمكننا أن نقول باعتبار كون المسح بباطن الكف ، لأنه الدارج الشائع في المسح ، وأما إذا لم نقل بالانصراف إلى الفرد المتعارف فلا وجه للحكم بتعيين المسح بباطن الكف في مقام الامتثال ، هذا.
ولكن يمكن أن نستدل على وجوب ذلك بالأخبار البيانية الحاكية لوضوء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو أحد الأئمة عليهمالسلام لأنهم لو كانوا مسحوا بظاهر الكف في الوضوء لوجب على الرواة أن ينقلوا ذلك في رواياتهم ، لأنه أمر خارج عن المتعارف المعتاد ولا مناص من نقل مثله في الأخبار ، وحيث إنهم لم ينقلوا
__________________
(١) الحدائق ٢ : ٢٨٧.