فلم يتعلّق الغرض بالابتداء والانتهاء وإنما الغرض بيان المقدار الذي يجب غسله أو مسحه.
ومن هنا لو كنّا نحن وهذه الآية المباركة لقلنا بجواز الغسل من الأعلى إلى الأسفل وعكسه ، ولكن الأخبار منعتنا عن الأخذ بإطلاقها ، ولأجلها خصصنا الغسل الواجب بالغسل من المرافق إلى الأصابع.
وأما الإطلاق في طرف الأمر بالمسح فهو باق على حاله ولم يدلنا دليل على تقييده ، إذن لا مانع من الأخذ به والحكم بجواز المسح في الرجلين من الكعبين إلى الأصابع وبالعكس ، ولم يتعلق الغرض بتعيين المبدأ والمنتهى ، وإنما الغرض بيان مقدار المسح وأن الممسوح لا بدّ أن يكون بالمقدار الواقع بين الأصابع والكعبين ، سواء أكان المبدأ هو الأصابع والمنتهى هو الكعبان أو كان الأمر بالعكس.
وأيضاً تدل على ذلك الأخبار البيانية وغيرها مما اشتملت على الأمر بمسح الرجلين إلى الكعبين فليراجع.
وأما ما ذهب إليه صاحب الحدائق والمفاتيح وغيرهما ، فقد استدل عليه بعدة روايات.
منها : الأخبار الدالة على أن مسح شيء من الرأس والرجلين مجزي في الوضوء كصحيحة زرارة وبكير عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال في المسح : « تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك ، وإذا مسحت بشيء من رأسك ، أو بشيء من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك » (١).
وصحيحتهما الأُخرى ثم قال : « ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) ، فاذا مسح بشيء من رأسه ، أو بشيء من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه » (٢) وبمضمونهما روايات اخرى قد دلّت على كفاية المسح بشيء من الرأس والرجلين فلا يجب مسحهما إلى الكعبين ، هذا.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤١٤ / أبواب الوضوء ب ٢٣ ح ٤.
(٢) الوسائل ١ : ٣٨٨ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٣.