في محل الكلام بين ما إذا كانت الغاية مقصودة للمتوضئ على نحو الداعي إلى العمل فيحكم بصحته ، وما إذا كانت مقصودة على نحو التقييد فيحكم ببطلان الوضوء ، ولتوضيح الكلام في المقام لا بدّ من أن نتعرض إلى موارد صحة التقييد واستحالته في الأفعال الصادرة من المكلفين حتى يتبيّن صحة ما أفاده الماتن قدسسره أو سقمه فنقول :
أقسام التقييد :
التقييد قد يرجع إلى متعلق الاعتبار فيقيده بقيد أو قيدين أو أكثر ، ولا إشكال في إمكان ذلك فيما إذا كان المتعلق وهو المبيع مثلاً أمراً كلياً فيوجب تضييق دائرته ، كما إذا باعه مقداراً كلياً من الحنطة وقيّدها بكونها من مزرعة فلانية ، أو كتاب الجواهر المقيد بالطبعة المعيّنة ، وبذلك يتحصّص المبيع بحصّة معينة ، فإذا دفع إلى المشتري ما هو فاقد للقيد لم يكن هذا موجباً لبطلان المعاملة كما لا يوجب الخيار ، بل للمشتري أن يردّه ويطالب البائع بالمبيع ، لأنّ الفاقد لم تقع عليه المعاملة ولم يعتبر ملكاً للمشتري.
وأما إذا كان المتعلق شخصياً ، كما إذا باعه كتاباً مشخّصاً أو عبداً خارجياً على أن يكون الكتاب طبعة كذا ، أو العبد كاتباً مثلاً ، فهذا يستحيل أن يكون من باب التقييد ، لأن المفروض أن المبيع شخصي وجزئي حقيقي لا سعة فيه حتى يقيد ويضيق ، لبداهة أن الكتاب الخارجي المعيّن ليس له قسمان ، وكذا العبد المشخّص الخارجي فإنه جزئي حقيقي فلا معنى للتضييق في مثله ، فالتقييد حينئذٍ مرجعه إلى الاشتراط والتزام البائع بأن يكون الكتاب المعيّن طبع كذا أو العبد المعيّن كذا ، فاذا ظهر عدم كونه واجداً لتلك الصفة ثبت للمشتري الخيار على ما قدمنا الكلام عليه في بحث الخيار (١).
نعم ، لا مانع من التقييد في هذه الصورة أيضاً وإن كان خارجاً عن محل الكلام كما إذا رجع التقييد إلى أصل البيع والاعتبار دون المتعلق والمبيع ، بأن يبيع مثلاً الحنطة المعيّنة على تقدير أن تكون من المزرعة الفلانية ، على أن يكون البيع معلقاً على ذلك
__________________
(١) في مصباح الفقاهة ٦ : ٢٢٤.