كلمة « منع » مجهولة ومبنية للمفعول هكذا « ما منع ميثم » أي لم تكن التقيّة ممنوعة وغير سائغة في حقه ، بل كانت مرخصة بالنسبة إليه وهو أيضاً كان عالماً بجوازها ومع ذلك اختار القتل باختياره ، إذن فلا يستفاد منها توبيخ ميثم على عمله بل معناها أحد أمرين :
أحدهما : أن تكون هذه الجملة « ما منع ميثم » دفعاً للاعتراض على ميثم بأنه لماذا اختار القتل ولم يتّق ، وهل كان ممنوعاً عن التقيّة فأجاب عليهالسلام عن ذلك بأنه ما كان ممنوعاً عن التقيّة ، وإنما اختار القتل لتساوي التقيّة وتركها في الرجحان عند الله سبحانه ، وحينئذٍ لا يستفاد منها مدح ميثم ولا قدحه.
وثانيهما : أن تكون الجملة دالة على مدح ميثم ، وأنه مع علمه بالحال وأن التقيّة جائزة في حقه قد اختار القتل ، لعدم طيب نفسه بالتبري عن سيده ومولاه ولو بحسب الظاهر واللسان ، لقوة إيمانه وشدة حبه وعلاقته لمولاه عليهالسلام إذن تكون الرواية دالة على مدحه ( رضوان الله عليه ) وعلى كل لا يستفاد منها أرجحية التقيّة عن القتل.
ويحتمل أن يكون الوجه في اختيار ميثم القتل على التقيّة هو علمه بانتفاء موضوع التقيّة في حقه ، لأنه كان يقتل على كل حال لمعروفيّته بالولاء واشتهاره بالتشيّع والإخلاص لأمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ).
وعلى الجملة ، الرواية إما أن تدلنا على أرجحية القتل من التقيّة ، وإما أن تدل على تساوي التعرض للقتل والتقيّة ، وأما أن التقيّة بالتبري عنه عليهالسلام أرجح من التعرّض للقتل فلا يكاد يستفاد من الرواية بوجه ، فالحكم بأرجحية التقيّة من القتل في نهاية الإشكال ، هذا كله في هذه الجهة.
الجهة الثالثة : أن الاضطرار والتقيّة هل يقتضيان ارتفاع الآثار المترتبة على الفعل الاضطراري لولا الاضطرار والتقيّة إذا كان لدليل ثبوتها إطلاق أو عموم أو أن الآثار المترتبة على الفعل لا ترتفع من جهة الاضطرار إليه وإتيانه تقيّة؟ استشكل