وثانيهما : ما إذا كان نفي الآثار عن العمل المأتي به بداعي الاضطرار أو التقيّة على خلاف الامتنان في حق غيره ، كما إذا أتلف مال غيره لاضطرار كما في المخمصة أو للتقية كما مثلناه سابقاً ، فان الحكم بعدم ضمانه لمال الغير تستلزم تضرر مالك المال المتلف وهو على خلاف الامتنان في حقه ، والحديث لا يجري في الموارد الفاقدة للامتنان.
وأمّا الجهة الثالثة : أعني ما إذا ترك جزءاً أو شرطاً تقيّة أو للاضطرار ، كما إذا صلّى بلا سورة أو من دون البسملة لعدم كونهما جزءاً من المأمور به عند المخالفين مثلاً ، أو صلّى مع المانع تقيّة ، كما إذا صلّى في شيء من الميتة لطهارتها عندهم بالدبغ ، فهل يقتضي التقيّة أو الاضطرار سقوط الجزئية أو الشرطية أو المانعية حينئذٍ أو لا يقتضي؟ وكلامنا في المقام إنما هو فيما لو كنّا نحن والأخبار الواردة في التقيّة عموماً كحديث الرفع ، أو خصوصاً كما ورد في التقيّة بخصوصها ، مع قطع النظر عمّا دلّ على صحّة الصلاة الفاقدة لشيء من أجزائها أو شرائطها عند الاضطرار ، فهل تقتضي أدلّة التقيّة صحّة العمل وقتئذٍ بحيث لا تجب إعادته أو قضاؤه أو لا تقتضي؟
التنبيه على أمرين :
وقبل الخوض في تحقيق ذلك ننبه على أمرين :
الأمر الأوّل : أن محل الكلام في المانعية إنما هو المانعية المنتزعة عن النواهي الغيرية ، كالنهي عن الصلاة فيما لا يؤكل أو النهي عن الصلاة في الحرير ونحوها ، وأما المانعية المنتزعة عن النهي المستقل فهي غير داخلة في محل النزاع ، وهذا كاعتبار عدم كون المكان أو اللباس مغصوباً في الصلاة أو عدم كون الماء مغصوباً في الوضوء ، لأنه لم يرد اعتبار ذلك في شيء من الأدلة اللفظية وغيرها ، بل إنما نشأ اعتباره من النهي النفسي الدال على حرمة التصرف في مال الغير من غير رضاه ، نظراً إلى استحالة اجتماع الحرمة والوجوب في شيء واحد ، وعدم معقولية كون المحرم مصداقاً للواجب فمانعية الغصب في الصلاة والوضوء ناش من النهي النفسي المستقل بمعونة الحكم