لا يسقط عنه الأمر بالصوم بذلك ، ومن هنا لا يجوز له أن يتناول شيئاً من المفطرات في غير ساعة التقيّة ، فلا مرخّص له أن يتغدّى في منزله ، وليس هذا إلاّ من جهة أمره بالصيام وعدم اضطراره إلى ترك الصوم في تمام النهار ، ومع ذلك كيف تنطبق كبرى ترك العمل رأساً على ترك الصيام في جزء من النهار ، بل هو من إتيان العمل الناقص تقيّة في مرحلة الامتثال ، وقد مرّ أن ذلك يجزئ عن العمل التام المأمور به.
وهذا نظير ما إذا أفطر بما لا يراه العامة مفطراً تقيّة فكما أنه محكوم بالصحة والإجزاء ولا يجب معه القضاء كما مر ، لأنه ليس من ترك العمل المأمور به برمته ، بل من قبيل الإتيان بالعمل الناقص وهو مجزئ عن التام ، فكذلك الحال في المقام.
نعم ، لو اضطر في مورد إلى ترك الصيام المستمر من أول النهار إلى آخره ، انطبق عليه الكبرى المتقدمة أعني ترك العمل رأساً تقيّة ، وهو غير مجزئ عن الواجب كما عرفت.
وأما الروايتان المستشهد بهما على وجوب القضاء في محل الكلام ، فيدفعه : أنهما ضعيفتا السند لارسالهما ، فان كُلا من رفاعة وداود بن الحصين يروي عن رجل وهو مجهول. على أن في سند إحداهما سهل بن زياد وهو ضعيف فلا يصح الاعتماد على شيء منهما للاستدلال. فالصحيح عدم وجوب القضاء فيما إذا أفطر في نهار شهر رمضان تقيّة لثبوت الهلال عندهم.
الجهة السادسة : أنه بناء على ما سردناه من أن إجزاء العمل المأتي به تقيّة عن الوظيفة الأوّلية على خلاف القاعدة ، وأنه يحتاج إلى دليل يدلّنا عليه ، وأن الدليل على إجزائه هو السيرة العملية ، يختص الحكم بالإجزاء بالعبادات ولا يأتي في شيء من المعاملات بالمعنى الأعم ولا في المعاملات بالمعنى الأخص ، فاذا ألجأته التقيّة على غسل ثوبه المتنجس مرة واحدة فيما يجب غسله مرتين لم يحكم بطهارته بذلك ، بل يبقى على نجاسته.
نعم ، إذا صلّى في ذلك الثوب تقيّة حكم بصحة صلاته وعدم وجوب إعادتها أو