قتل معلى بن الخنيس أيضاً كان مستنداً إلى ذلك ، حيث كشف عن بعض أسرارهم ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ).
الجهة الحادية عشرة : أن المكلف في موارد التقيّة إذا ترك العمل على طبقها استحق العقاب على مخالفته ، لما تقدم من أن التقيّة واجبة في مواردها ، فلا ينبغي الإشكال في أن ترك التقيّة محرم بالحرمة التكليفية ، وإنما الكلام في حرمته الوضعية وأن العمل إذا لم يؤت به على طبق التقيّة فهل يقع فاسداً ولا بدّ من الحكم ببطلانه أو أنه محكوم بالصحة إذا كان مطابقاً للواجب الواقعي؟ وللمسألة صور :
الصورة الاولى : أن يترك المكلف في موارد التقيّة العمل برمته ، فلا يأتي به على طبق التقيّة ولا على طبق الوظيفة الأولية ، كما إذا اقتضت التقيّة الوقوف بعرفات يوم الثامن من ذي الحجة الحرام والمكلف قد ترك الوقوف معهم في ذلك اليوم وفي اليوم التاسع حسب عقيدته ، أو أن التقيّة اقتضت غسل رجليه ولكنه ترك غسلهما كما ترك مسحهما.
فإن استندنا في الحكم بصحّة العمل المتقى به وإجزائه عن المأمور به الأوّلي إلى السيرة العملية الجارية على الاكتفاء به في مقام الامتثال من لدن عصرهم إلى زماننا فلا كلام في الحكم ببطلان العمل وقتئذٍ حيث يكفي في بطلانه مخالفته للوظيفة الواقعية ، ومن الظاهر أن المخالف للواقع باطل لا يمكن الاكتفاء به في مقام الامتثال اللهمّ إلاّ أن يدل عليه دليل ، والدليل على إجزاء العمل المخالف للواقع في موارد التقيّة إنما هو السيرة ، وهي إنما تحققت فيما إذا كان العمل المخالف للواقع موافقاً لمذهب العامّة بأن يؤتى به متابعة لهم ، وأما ما كان مخالفاً للواقع ولم يكن موافقاً مع العامّة وعلى طبق مذهبهم فلم تقم أية سيرة على صحته وكونه مجزئاً عن الوظيفة الواقعية فلا مناص وقتئذٍ من الحكم بالبطلان.
__________________
سلّط الله عليه حرّ الحديد وضيق المجالس » المروية في الوسائل ١٦ : ٢٤٧ / أبواب الأمر والنهي ب ٣٤ ح ٢.