[٥٣٤] مسألة ٤٤ : يجب الابتداء في الغسل بالأعلى ، لكن لا يجب الصبّ على الأعلى ، فلو صبّ على الأسفل وغسل من الأعلى بإعانة اليد صحّ (١).
______________________________________________________
نعم ، مطلق الغسل وطبيعيه غير المتوقف على القصد ليس من الغسل المعتبر في الوضوء ، فان الغسل الوضوئي موقوف على قصد كونه وضوئياً ، إذن له أن يصبّ الماء عشر مرّات ولا يقصد بها الغسل المعتبر في الوضوء ، بل يقصده في الصبّة الأخيرة فقد أتى وقتئذٍ غسلاً واحداً من غسلات الوضوء ، والصبّات والغسلات المتحققتان قبل الصبّة الأخيرة خارجتان عن الغسل المعتبر في الوضوء فلا يكون تعدّدهما مخلاًّ له. نعم إذا قصد الغسل المعتبر في الوضوء في كل واحد من الصبات تحققت بذلك غسلات متعدِّدة ، والثالثة وما زاد منها بدعة محرّمة.
وجوب الابتداء في الغسل بالأعلى :
(١) إمرار اليد من الأعلى إلى الأسفل ليس من حقيقة الغسل لا في شيء من لغة العرب ولا في غيرها ، لضرورة أن قطرة من الماء إذا وقعت على أي موضع من البدن أو غيره فأمررنا عليها اليد مرتين مثلاً لم يصدق أنّا غسلناه مرتين ، بل الغسل عبارة عن مرور الماء على الوجه أو اليد أو غيرهما من المواضع ، فاذا صبّ الماء على الأسفل فهو غسل حقيقة إلاّ أنه غير معتبر في الوضوء ، للزوم كون الغسل من الأعلى إلى الأسفل دون العكس ، فلو بقي شيء من الماء في يده حين وصولها ، أي اليد إلى الأعلى ، فأمرّ يده بالماء من أعلى الوجه إلى الذقن صدق عنوان الغسل عليه ، إلاّ أن الاجتزاء به يبتني على كفاية مطلق الغسل في مقام الامتثال. على أنه من الندرة بمكان لعدم بقاء الماء بحسب العادة في اليد بعد صبّه من الأسفل حين وصولها إلى الأعلى.
وأمّا بناء على ما قدّمناه (١) من عدم كفاية الغسل بحسب البقاء في موارد الأمر بالغسل كالوضوء والغسل ووجوب إحداث الغسل وإيجاده ، فيشكل الحكم بصحّة
__________________
(١) في ص ١٠٢.