الثالث : التهيؤ للصلاة في أوّل وقتها ، أو أوّل زمان إمكانها إذا لم يمكن (١)
______________________________________________________
(١) إن من المناسب في المقام أن نتكلم على ما هو الدليل على مشروعية الوضوء للتهيؤ قبل دخول وقت الصلاة ، وذلك لأنّا إن قلنا إن الوضوء أمر مستحب في نفسه أو لم نقل بالاستحباب النفسي له ولكن المكلف أتى به بغاية الكون على الطهارة قبل الوقت فلا إشكال في صحته ، لأنه على التقدير الأول مستحب نفسي ، وعلى الثاني قد أتى به بغاية مستحبة وهو الكون على الطهارة بناء على إنكار الاستحباب النفسي للوضوء إذ الكون على الطهارة أمر محبوب شرعاً فيأتي بالأفعال والوضوء بغاية ترتب الطهارة عليها ، فلا بدّ من الحكم بصحته على كلا التقديرين وإن كان له داع آخر أيضاً على الإتيان به وهو التهيؤ للصلاة في أول وقتها.
وأما إذا أنكرنا استحبابه النفسي ولم يؤت به بغاية الكون على الطهارة ، فيقع الكلام حينئذٍ في مدرك مشروعيته إذا أتى به قبل وقت الفريضة بغاية التهيؤ للصلاة.
فقد يستدل على مشروعيته بغاية التهيؤ قبل دخول وقت الصلاة ، بما دلّ على أفضلية الإتيان بها في أوّل وقتها ، وأنّ أوّل الوقت رضوان الله (١) والآيات الآمرة باستباق الخيرات والمسارعة إلى مغفرة الله سبحانه (٢) بتقريب أن أفضلية الصلاة في أول وقتها تدلنا بالملازمة على جواز الإتيان بالوضوء للتهيّؤ لها قبل دخول وقتها لوضوح أنه إذا لم يجز للمكلف الإتيان بالوضوء للتهيؤ قبل الوقت لم يتمكن من الإتيان بالصلاة في أول وقتها ، ولكان الحث على الإتيان بها وقتئذٍ في تلك الأدلة لغواً ظاهراً ، ومع سقوطها لم يمكن الحكم بأفضلية الصلاة في أول وقتها.
ويدفعه : أن الآيات والأخبار وإن دلتا بالملازمة على استحباب الوضوء قبل
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١١٨ / أبواب المواقيت ب ٣.
(٢) البقرة ٢ : ١٤٨ ، آل عمران ٣ : ١٣٣.