لا محالة. وعلى هذا فإن أحرزنا جريان السيرة على ذلك في مورد فلا بدّ من أن نحكم بجواز التوضؤ والصلاة أيضاً كبقية التصرفات فيه ، وأما مع الشك في قيامها في مورد كما إذا كان المالك صغيراً أو مجنوناً أو منع الغير عن التصرف في مائه ونهره ، فلا مناص من الحكم بحرمة التصرفات الواقعة فيه لعدم قيام السيرة فيها على الجواز.
والحاصل : أن حرمة التصرف في أموال الناس وأملاكهم مما قد أطبقت عليه الأديان كما قيل وهو الصحيح المحقق في محله ، لأن التصرف في أموال الناس من دون إذنهم ظلم وعدوان ، وعليه جرت سيرة المتدينين وبناء العقلاء ، بل هو من ضروريات الدين الحنيف ، مضافاً إلى الأخبار الدالة على عدم جواز التصرف في مال الغير إلاّ بطيبة نفسه.
إذن لا بدّ في جواز التصرّف في أموال الغير من العلم برضى المالك وإذنه. نعم إذا أذن المالك الحقيقي وهو الشارع في التصرّف في مال الغير كما في حق المارّة مثلاً أيضاً يجوز التصرّف فيه ، سواء رضي به المالك الصوري أم لم يرض به بل منع عنه وإلاّ فمقتضى ما قدّمناه حرمة التصرّفات في أموال الغير وعدم جوازه.
والمخصّص لتلك الأدلّة ليس دليلاً لفظياً على ما قدّمناه ليتمسّك بعمومه أو إطلاقه ، وإنما هو السيرة القطعية الجارية على التصرف في مثل الأنهار الكبار والأراضي المتسعة ، حيث لا يرون ذلك منافياً للعدالة بل يتصرفون فيها تصرف الملاك في أملاكهم ، ولم يردع عنها الشارع كما مرّ ، وهي دليل لبي يقتصر فيها بالمقدار المتيقن أعني موارد العلم بقيام السيرة. ففي كل مورد علمنا بقيامها فيه فهو ، وأما إذا شككنا في تحقّقها وعدمه فمقتضى العمومات والإطلاق وإطباق الأديان والعقلاء هو حرمة التصرّف وعدم جوازه كما مرّ.
والمقدار الذي يتيقن بقيام السيرة فيه على الجواز إنما هو الأنهار الكبيرة والأراضي المتسعة ، فيما إذا كانت بيد ملاّكها وكانوا متمكِّنين من التصرّف فيها ويسمع إذنهم وإجازتهم فيه ولم يظهر منهم عدم الرضا به ، وأما إذا فرضنا أن المالك صغير أو مجنون بحيث لو أذن في التصرّف في أمواله لم يسمع منه ذلك فضلاً عما إذا لم يأذن ، ولا يتمكّن