فلو باشرها الغير أو أعانه في الغسل أو المسح بطل ، وأمّا المقدّمات للأفعال فهي أقسام : أحدها : المقدّمات البعيدة كإتيان الماء أو تسخينه أو نحو ذلك.
______________________________________________________
وجهه ويديه بنفسه وكذلك يجب أن يمسح رأسه أو رجليه بنفسه ، فلو غسلهما أو مسحهما الغير لم يسقط بذلك التكليف عنه ، لأن إيجابهما مطلق ويدلُّ على وجوب الإتيان بهما بالمباشرة سواء أتى بهما غيره أم لم يأت بهما.
وكذلك الحال في جميع التكاليف والواجبات تعبدية كانت أم توصلية ، فإن المناط المتقدم أعني ظهور نفس الخطاب وتوجهه في وجوب المباشرة وعدم سقوط الواجب بفعل الغير متحقق في الجميع على حد سواء. اللهمّ إلاّ أن يقوم دليل خارجي على أن الغرض يحصل في الخارج من مجرد تحقق المأمور به ووجوده ، سواء استند ذلك إلى المباشرة أم التسبيب وفعل الغير ، فلو أمر بغسل ثوبه فمقتضى ظهور هذا الخطاب وإطلاقه عدم كفاية غسل الغير في حصول الامتثال ، إلاّ أن القرينة الخارجية دلتنا على أن الغرض من الأمر بغسله إنما هو مجرّد إزالة النجاسة عنه ، حصل ذلك بفعل نفس المأمور ومباشرته أو بفعل شخص آخر ، بل وسواء حصل من عاقل بالاختيار أم من غير العاقل أو من دون الاختيار ، كما إذا أطارته الريح وألقته في كر من الماء وزالت عنه النجاسة بذلك أو وقع عليه المطر فطهّره.
وأما إذا لم تقم قرينة خارجية على ذلك ، فمقتضى الظهور والإطلاق إنما هو اشتراط المباشرة كما عرفت ، وقد خرجنا عن ذلك في باب العقود والإيقاعات ، لأنه لو أمر بالبيع أو النكاح أو الطلاق أو الصلح فكما يحصل امتثال الأمر بذلك بإيقاع المعاملة بنفسه والمباشرة كذلك يحصل بأمره الغير بإيقاعها ، والسرّ في ذلك ما أشرنا إليه في بحث المكاسب من أن الأفعال التكوينية ليست كالأفعال الاعتبارية من جهة أن إسناد الأفعال التكوينية على وجه الحقيقة لا يصحّ إلاّ إلى فاعلها ومصدرها أو صانعها فلا يصح أن يقال شرب فلان الماء إلاّ إذا شربه بالمباشرة ، فلو أمره غيره بشربه فشربه ذلك الغير لم يصح أن يقال شرب فلان الماء حقيقة.