هو الوضوء (١) ولو أمكن إجراء الغير الماء بيد المنوب عنه بأن يأخذ يده ويصبّ الماء فيها ويجريه بها هل يجب أم لا؟ الأحوط ذلك وإن كان الأقوى عدم وجوبه
______________________________________________________
فعل الغير أعني تغسيل الغير أو توضئته عمل من الأعمال المحترمة ، وهو مال له قيمته بحسب الطبع ما لم يُزل احترام ماله بقصد التبرع والإحسان ، فاذا كان العمل مالاً بطبعه وكانت له قيمة سوقية لدى العرف ، وقد عرفت أن الآية المباركة والأخبار الآمرة بالوضوء والاغتسال قد دلتنا على وجوب استناد تلك الأفعال إلى المكلّفين وقد ذكرنا أن الاستناد مع التمكّن من المباشرة لا يتحقق إلاّ بالمباشرة بنفسه كما أنه مع العجز لا يتحقّق إلاّ بالتسبيب ، إذن تدلنا الآية المباركة والروايات على وجوب التسبيب لدى العجز ولزوم الإتيان بتلك الافعال بفعل الغير الذي له قيمته على الفرض ، فيكون دفع الأُجرة على عمل الغير مأموراً به بذلك الأمر المتعلق بإيجاد الأفعال ولو بالتسبيب ، واستنادها إلى المكلّفين باستنابة الغير وتسبيبه ، لأن العمل الصادر من الغير مال بطبعه وله قيمة سوقية لدى العُرف.
هذا كلّه فيما إذا توقف العمل التسبيبي على بذل الأُجرة له بمقدار ماليته لدى العُرف والعادة.
وأمّا إذا توقّف على بذل المال زائداً على قيمته المتعارفة ، كما إذا طلب الغير ديناراً على عمله وهو يسوى عند العرف درهماً أو درهمين ، فلا ينبغي التأمل في عدم وجوب البذل وقتئذٍ ، لأنه ضرر مالي زائد على ما يقتضيه طبع الاستنابة والتسبيب ومقتضى قاعدة نفي الضرر عدم وجوبه على المكلف.
تعيين من تجب عليه النيّة في الوضوء التسبّبي :
(١) فهل تجب نيّة الوضوء على المتوضئ العاجز عن المباشرة ، أو أن الناوي لا بدّ أن يكون هو المعين؟ وتظهر ثمرة ذلك في الاستعانة بما لا نيّة له ، كالاستعانة ببعض الحيوانات المعلّمة أو الصبي ونحوهما.