الاشتغال باليد اليسرى مثلاً ، فقد ظهر أنه مما لا دليل عليه ، لأن ظاهر الصحيحة والموثقة إنما هو اعتبار الجفاف في تمام الأعضاء المتقدِّمة كما مرّ.
ومما يدلنا على بطلان هذا القول هو الأخبار الآمرة بأخذ البلّة من اللحي والحاجبين فيما إذا توضأ ونسي المسح ثم تذكر وقد جفت رطوبة يده ووجهه ، فان الوضوء إذا قلنا ببطلانه بجفاف العضو السابق على المسح للزم الحكم ببطلان الوضوء في موارد الأخبار المذكورة ولم يكن وجه لصحته بأخذ البلّة من اللّحى والحاجبين.
فالمتحصل : أن الوضوء يعتبر فيه أحد الأمرين المتقدمين : بقاء الأعضاء السابقة على رطوبتها. والموالاة العرفية فيما إذا لم يستند جفاف الأعضاء إلى التأخير.
ما ذهب إليه جمع من الأصحاب ( قدسسرهم )
بقي الكلام فيما ذهب إليه جمع من الأصحاب قدسسرهم من أن العامد في الإخلال بالموالاة العرفية يبطل وضوءه ، وأما المضطر الذي من جملته الناسي فهو إنما يبطل وضوءه بالإخلال بالموالاة فيما إذا جفت الأعضاء المتقدِّمة ، وأما إذا تذكر مع بقاء الأعضاء المتقدمة على رطوبتها فهو محكوم بصحة الوضوء.
الوجوه المستدل بها على التفصيل بين الناسي والعامد :
هكذا يفصّل بين الناسي والعامد ويستدل عليه بأُمور :
الأول : أن ذلك مقتضى الجمع بين الروايات ، فإن الأخبار المتضمنة بالأمر بالاتباع أو المتابعة في الوضوء تدلنا على اعتبار الموالاة العرفية في صحته ، لأن ظاهر كلمة الاتباع والمتابعة هو إتيان كل جزء بعد الجزء الآخر متوالياً ، فإذا أخل المكلف بذلك متعمِّداً ولم يأت بالإجزاء على نحو التوالي فقد أخل بالشرط فيحكم على وضوئه بالبطلان.
وأمّا الموثقة والصحيحة الدالتان على صحة الوضوء عند بقاء الرطوبة في الأعضاء السابقة فهما محمولتان على ترك التوالي عند الاضطرار كما هو موردهما ، ومن أفراد