الاضطرار النسيان ، وبهذا يجمع بين الطائفتين ، هذا.
والتحقيق أنه لا فرق بين العامد وغيره في أن الوضوء مع الإخلال بالموالاة العرفية إذا بقيت الأعضاء السابقة على رطوبتها محكوم بالصحة كما مرّ ، والسر في ذلك أنه لا دليل على أن الإخلال بالموالاة العرفية يوجب الحكم ببطلان الوضوء حتى يحمل ذلك على العامد.
وما استدلّ به على ذلك من الأخبار الآمرة بالاتباع والمتابعة وقالوا إنها محمولة على المتعمد في الإخلال بالموالاة العرفية فمما لا يمكن الاعتماد عليه ، وذلك لأن الأخبار الآمرة بالاتباع والمتابعة روايات ثلاث :
الأُولى : رواية حكم بن حكيم قال : « سألت أبا عبد الله عن رجل نسي من الوضوء الذراع والرأس ، قال : يعيد الوضوء ، إن الوضوء يتبع بعضه بعضاً » (١) بدعوى أن قوله عليهالسلام « يتبع بعضه بعضاً » بمعنى أن الأجزاء الوضوئية تعتبر فيها الموالاة عرفاً.
ويتوجّه على الاستدلال بها أولاً : أنها ضعيفة السند بالحسين بن محمد بن عامر لأنه وإن كان يحتمل أن يكون هو الحسين بن محمد بن عمران وهو موثق في الرجال إلاّ أنه مجرّد احتمال لا يعتنى به (٢) والحسين بن محمد بن عامر لم يوثق في الرجال ، كما أن معلّى بن محمد أيضاً مجهول ، فالرواية غير قابلة للاعتماد عليها من حيث السند.
وثانياً : أن دلالتها على المدعى محل الكلام ، وذلك لأن المراد بالتبعية في قوله عليهالسلام « يتبع بعضه بعضاً » إنما هو الترتيب المعتبر بين أفعاله وأجزائه دون الموالاة العرفية كما توهم ، وذلك بقرينة ورودها في من نسي الذراع والرأس وأخل بالترتيب المعتبر في الوضوء. إذن معنى أنه يتبع بعضه بعضاً ، أن لكل جزء منه موضعاً معيناً
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٤٨ / أبواب الوضوء ب ٣٣ ح ٦.
(٢) وقد تعرّض ( دام ظله ) لهذا في الرجال وبنى على أن محمد بن عامر هو الحسين بن محمد بن عمران ، معلّلاً بما عن النجاشي من أن عامراً هو ابن عمران فلاحظ معجم رجال الحديث ٧ : ٨٠.