أوّل الفجر إلى الغروب أجنبي عن الله سبحانه وليس تخضّعاً وتذلّلاً في نفسه ، فيعتبر في اتصاف هذه الأفعال بالعبادية والتذلل والتخضع والجامع التأله أن يؤتى بها مضافة إلى الله سبحانه نحو إضافة.
ومحقق الإضافة والطاعة أحد أمرين لا ثالث لهما :
أحدهما : أن يؤتى بها بقصد امتثال أمر الله سبحانه.
وثانيهما : أن يؤتى بها بقصد ما هو ملاك أمره أعني المحبوبية لله سبحانه ، فان العمل بذلك يضاف إلى الله تعالى ويقع عبادة وطاعة أي تذلّلاً وتخضّعاً ويوجب التقرّب لا محالة ، وأما إذا أتى بها لا بقصد أمرها ولا بقصد كونها محبوبة ، بل بقصد الدخول في الجنة أو الفرار عن النار أو نحوهما من الأُمور الدنيوية أو الأُخروية ، فلا يمكن أن تقع عبادة وطاعة بشيء من ذلك ولا تضاف بها إلى الله سبحانه بوجه ، لأن تلك الأُمور إنما هي في طول الطاعة والعبادة وهي أُمور مترتبة عليها لا أنها في عرضها ومحققة لعنوان الطاعة والعبادية ، ومع عدم تحقق المقرّبية والإضافة لا تتحقّق العبادة لا محالة ومع عدم تحقّقها لا يترتّب عليها شيء من تلك الأُمور أُخروية كانت أم دنيوية ، لأن تلك المنافع والآثار ليست من الآثار الوضعية المترتبة على ذوات تلك الأفعال ، كعدم الابتلاء بالفقر مثلاً المترتب عي صلاة الليل ، حيث ورد ما مضمونه أن دعوى الفقر والجوع ممن يأتي بصلاة الليل دعوى كاذبة (١) وفي بعض الروايات سئل عليهالسلام عن الإتيان بصلاة الليل في جواب من سأله عن الفقر وشكى إليه الحاجة وأفرط في الشكاية (٢) ومن الظاهر أن تلكم الأفعال غير دافعة للفقر بحسب الوضع والتكوين ، وإنما الدافع له خصوصية العبادة وهي لا تتحقق إلاّ إذا اتي بها بأحد الأمرين المتقدمين المحققين لعنوان الطاعة والعبادة ، وعليه فالأُمور المذكورة في المتن من الغايات المترتبة على الطاعة والعبادة ، لا أنها محققة لعنوانهما كما لا يخفى.
ثم إن غايات العبادات منحصرة في ثلاثة لا رابع لها ، فان العاقل لا يأتي بعمل من
__________________
(١) ، (٢) الوسائل ٨ : ١٥٨ / أبواب بقية الصلوات المندوبة ب ٣٩ ح ٤١ ، ١٣.