التي ربما يقال باعتبارها في صحّة الوضوء وذكر عدم اعتبار شيء منها في صحته.
ومن تلك الأُمور وجوب نيّة الوجوب أو الندب ، إمّا على نحو التوصيف كما إذا قال أتوضأ الوضوء الواجب أو الندب ، وإما على نحو الغاية بأن يقول أتوضأ لوجوبه أو لاستحبابه ، فإن الغاية هي الداعي بوجوده الخارجي كما أن الداعي هي الغاية بوجودها الذهني ، فسقوط الوجوب وتحقق الندب بوجودهما الخارجيين غايتان للوضوء ، كما أنهما بوجودهما الذهنيين داعيان له ، فيتصوّر سقوط الوجوب ويأتي بالوضوء بداعي امتثال أمره وإسقاطه أو لغاية الامتثال وسقوط الوجوب.
ومنها : نيّة وجه الوجوب أو الندب وهو على ما فسره الماتن قدسسره عبارة عمّا يقتضي الوجوب أو الندب أعني المصلحة ، بناء على ما ذهب إليه العدلية من أن الواجبات الشرعية تابعة للمصالح الكامنة فيها.
ومنها : قصد رفع الحدث بالوضوء أو قصد الاستباحة به أعني قصد إباحة الدخول به في الصلاة.
ومنها : قصد موجب الوضوء وأنه بول أو نوم.
ومنها : قصد الغاية التي لأجلها وجب الوضوء ، وحكم في جميع ذلك بعدم الاعتبار.
وتوضيح الكلام في المقام : أنه قد يكون الواجب أو المستحب على نحو لا يتعيّن إلاّ بنيّة الواجب أو المستحب ، وهذا كما في صلاة الصبح ونافلتها ، لأن كُلا منهما ركعتان ولا امتياز بينهما في شيء ، فلو أتى بركعتين ولم يقصد الركعتين الواجبتين أو المستحبتين بطلتا لا محالة ، وكذلك الحال فيما إذا كانت على ذمّته أربع ركعات أدائية وأربع اخرى قضائية ، فإن إحداهما لا تتميز عن الأُخرى إلاّ بالقصد ، إذ الطبيعي الواحد لا يعقل أن يحكم عليه بحكمين متضادين كالوجوب والاستحباب أو بحكمين متماثلين كالحكم بوجوبه مثلاً مرّتين ، فلا مناص في الحكم بالصحة والوجوب من تميزه عمّا يحكم عليه بالاستحباب أو يحكم عليه بوجوب آخر أو بتوصيفهما من الأدائية أو القضائية ، هذا كله فيما إذا لم يتميّز الواجب عن غيره إلاّ بنيّته وقصده.