والإنصاف يقتضي التأمل في وجوب الشكر لنفسه وإن كان حسناً لأن حسنه لا يلازم وجوبه ، نعم هو واجب من باب وجوب دفع الضرر المحتمل ، فيكون وجوب المعرفة غيرياً لا نفسياً . وأما كونه عقلياً أو فطرياً فقد عرفت فيما سبق تحقيقه . فلاحظ .
ثم إنه قد يتوهم كون وجوب المعرفة غيرياً من جهة توقف الإعتقاد عليها ، لكنه إنما يتم لو كان الإعتقاد واجباً تفصيلاً مطلقاً غير مشروط بالمعرفة مع توقفه على المعرفة ، وقد عرفت الإشكال في الأول ، كما يمكن منع الثاني لإمكان تحقق الإعتقاد بلا معرفة غاية الأمر أنه تشريع محرم عقلاً لكن تحريمه كذلك لا يقتضي وجوب المعرفة . نعم لو كان الواجب عقلاً هو الإعتقاد عن معرفة كانت واجبة لغيرها لكنه أول الكلام .
قوله : فإنهم وسائط ، يعني فتكون معرفتهم أداء للشكر الواجب وكذا معرفة الإمام عليهالسلام على وجه صحيح ( هامش : وهو كون الإمامة كالنبوة منصباً إلۤهياً يحتاج إلى تعيينه تعالى ونصبه لا أنها من الفروع المتعلقة بأفعال المكلفين وهو الوجه الآخر منه قدسسره ) فالعقل يستقل بوجوب معرفة النبي ووصيه لذلك ولإحتمال الضرر في تركه ولا يجب عقلاً معرفة غير ما ذكر إلا ما وجب شرعاً معرفته ـ كمعرفة الإمام عليهالسلام ـ على وجه آخر غير صحيح أو أمر آخر مما دل الشرع على وجوب معرفته وما لا دلالة على وجوب معرفته بالخصوص لا من العقل ولا من النقل كان أصالة البراءة من وجوب معرفته محكمة ولا دلالة لمثل قوله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ ، الآية ولا لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلوات الخمس ، ولا لما دل على وجوب التفقه وطلب العلم من الآيات والروايات على وجوب معرفته بالعموم أن المراد من : ليعبدون ، هو خصوص عبادة الله ومعرفته والنبوي إنما هو بصدد بيان فضيلة الصلوات لا بيان حكم المعرفة فتجب .
قوله : وكذا معرفة الإمام عليهالسلام ، يعني واجبة لنفسها لأن الإمامة كالنبوة من المناصب