وأين ذلك وزماننا هذا الذي قد كثر فيه المسلمون كثرة عظيمة ، وحينئذ فلا يمكن الإلتزام بترتيب آثار الإسلام على مجرد إظهار الشهادتين مع العلم بعدم كون إظهارها إلا صورياً محضاً خصوصاً مع ظهور اعتبار القول في كونه لأجل الحكاية والطريقية عن الإعتقاد في الباطن ، بل لا بد من ترتيب آثار الكفر عليه في الفرض المزبور .
هل أن الكافر يعرف الله تعالى ؟
ـ مسالك الأفهام ج ٢ ص ٧٥
النية معتبرة في الكفارة لأنها عبادة تقع على وجوه مختلفة فلا يتميز المقصد منها بالنية لقوله صلىاللهعليهوآله : إنما الأعمال بالنيات ويعتبر فيها نية القربة لقوله تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ، وهذا هو القدر المتفق عليه منها . . . .
إذا تقرر ذلك فقد فرع المصنف على اعتبار نية القربة به أنه لا يصح من الكافر كتابياً كان أم غيره ، محتجاً بتعذر نية القربة في حقه ، وفيه نظر ، لأنه إن أراد بنية القربة المتعذرة منه نية إيقاع الفعل طلباً للتقرب إلى الله بواسطة نيل الثواب أو ما جرى مجرى ذلك سواء حصل له ما نواه أم لا ، منعنا من تعذر نية القربة من مطلق الكافر ، لأن من اعترف منهم بالله تعالى وكان كفره بجحد نبوة النبي صلىاللهعليهوآله أو غيره من الأنبياء أو بعض شرايع الإسلام يمكن منه هذا النوع من التقرب ، وإنما يمتنع من الكافر المعطل الذي لا يعترف بوجود الله تعالى كالدهري وبعض عبدة الأصنام ، وإن أراد بها إيقاعه على وجه التقرب إلى الله تعالى بحيث يستحق بها الثواب طالبناه بدليل على اشتراط مثل ذلك وعارضناه بعبارة المخالف من المسلمين وعتقه فإنه لا يستتبع الثواب عنده مع صحة عتقه ، وفي صحة عبادات غيره بحث فُرِد في محله .
وبالجملة
فكلامهم في هذا الباب مختلف غير منقح ، لأنهم تارة يحكمون ببطلان عبادة الكافر مطلقاً استناداً إلى تعذر نية القربة منه ، ومقتضى ذلك إرادة المعنى