في خطبة له : فسبحانك ملأت كل شئ وباينت كل شئ ، فأنت لا يفقدك شئ وأنت الفعال لما تشاء . . . . إلى أن قال : سبحانك أي عين تقوم نصب بهاء نورك وترقى إلى نور ضياء قدرتك ، وأي فهم يفهم ما دون ذلك إلا أبصار كشفت عنها الأغطية وهتكت عنها الحجب العمية فرقت أرواحها على أطراف أجنحة الأرواح ، فناجوك في أركانك وولجوا بين أنوار بهائك ، ونظروا من مرتقى التربة إلى مستوى كبريائك ، فسماهم أهل الملكوت زواراً ، ودعاهم أهل الجبروت عماراً .
وفي البحار عن إرشاد الديلمي وذكر بعد ذلك سندين لهذا الحديث وفيه : فمن عمل برضائي ألزمه ثلاث خصال : أعرفه شكراً لا يخالطه الجهل ، وذكراً لا يخالطه النسيان ، ومحبةً لا يؤثر على محبتي محبة المخلوقين . فإذا أحبني أحببته وأفتح عين قلبه إلى جلالي ولا أخفي عليه خاصة خلقي وأناجيه في ظلم الليل ونور النهار ، حتى ينقطع حديثه مع المخلوقين ومجالسته معهم ، واسمعه كلامي وكلام ملائكتي وأعرفه السر الذي سترته عن خلقي ، وألبسه الحياء حتى يستحيي منه الخلق كلهم ، ويمشي على الأرض مغفوراً له ، واجعل قلبه واعياً وبصيراً ، ولا أخفي عليه شيئاً من جنة ولا نار ، وأعرفه ما يمر على الناس في القيامة من الهول والشدة ، وما أحاسب به الأغنياء والفقراء والجهال والعلماء ، وأنومه في قبره وأنزل عليه منكراً ونكيراً حتى يسألاه ، ولا يرى غم الموت وظلمة القبر واللحد وهول المطلع ، ثم أنصب له ميزانه وأنشر ديوانه ، ثم أضع كتابه في يمينه فيقرؤه منشوراً ، ثم لا أجعل بيني وبينه ترجماناً . فهذه صفات المحبين .
يا أحمد إجعل همك هماً واحداً ، واجعل لسانك لساناً واحداً ، واجعل بدنك حياً لا يغفل أبداً ، من يغفل عني لا أبالي بأي وادٍ هلك .
والروايات الثلاثة الأخيرة
وإن لم تكن من أخبار هذا البحث المعقود على الإستقامة ، إلا أنا إنما أوردناها ليقضي الناقد البصير بما قدمناه من أن المعرفة الحقيقية لا تستوفي بالعلم الفكري حق استيفائها ، فإن الروايات تذكر أموراً من